الأحد 2024-12-15 09:15 ص
 

ما يجري في سوريا الآن ليس ثورة

03:29 م

لا يستطيع الاردن ان يجازف بدعم هذه الثورة في سوريا وقطع الصلات بالنظام القائم حتى لو كان الثمن معاناة اقتصادية وعجزا في الموازنة وازمة طاقة حقيقية آخذة بالتعمق كلما اشتدت الضغوطات على بلدنا , فما انتهت اليه اوضاع سوريا بعد حوالي عشرين شهرا من الصراع الداخلي المدمر لم تعد ثورة ضد نظام شمولي جائر , وانما طالبانية بنسخة عربية لا علاقة لها بالاصلاح والديمقراطية والحريات والادلة على انحراف ( الربيع السوري) منذ بداياته تسليح انتفاضة الشعب السوري وتشكيل جيش نقيض لجيش السلطة مما اعطى كل المبررات لحرب اهلية طاحنة على اسس طائفية ومذهبية , وبالتالي قدم الادوات الكفيلة بالرد على الجريمة بالجريمة والمجزرة بمثلها . اضافة اعلان

في سوريا اليوم تتجمع فلول السلفيين الجهاديين من مختلف الاقطار العربية والاسلامية ,وربما تصبح سوريا - جراء الانفلات- ملجأ للمطاردين الارهابيين والمتطرفين من اوروبا ايضا بعد ان اوشكت افغانستان على التحرر من هذا الكابوس ,والاخطر من ذلك ان تصبح سوريا بوابة عبور لهؤلاء ولمن يتبقى منهم الى بقية الدول العربية الآمنة ومنها الاردن ودول الخليج العربي ,فالجهاد عند السلفية الجهادية وتنظيم القاعدة وبقية التنظيمات المتطرفة لا يعرف حدا ولا يعترف بحكومات ولا بدول الا مؤقتا والى حين تقرر معايير النجاح والفشل في سوريا او في غيرها ,,فلماذا يقتصر الهدف على اسقاط النظام السوري اذا ,وكيف تضبط طموحات المتطرفين بتحصيل الأجر والشهادة في اي بلد آخر ما دامت كل الارض ساحة مفتوحة بالنسبة لهم ,وكل نظام لا يعمل بشرعهم هدفا لمتفجراتهم ..!
تتأخر احداث سوريا وكأنها تضبط على توقيت بقية الدول المعنية باستمرار الصراع حتى آخر مسلح في سوريا والى أن يستسلم النظام , وفي الاردن تحديدا لا نملك ترف وكلفة الوقت كي ننتظر نهاية سعيدة لهذا الطرف او ذاك ,سوريا بالنسبة لنا هي الاهم بنظامها الحالي او بغيره ,فالتغيير حق للشعب السوري وقد قالها الاردن وكررها على لسان الملك عبد الله في أكثر من مناسبة ,ويبدو ان رسالة الاردن لا تعجب الكثيرين, وهؤلاء – كما تثبت الاحداث – غير معنيين بالتغيير في سوريا او باية ديمقراطية سورية ,بقدر ما يعنيهم تصفية حسابات قديمة نسبيا مع بشار الاسد شخصيا ,او انهم اصبحوا بعد تعمق الورطة السورية معنيين باثبات قدرتهم على تغيير هذا النظام او غيره .!
اخلاقيا لم تعد الثورة السورية - في وضعها الراهن - النموذج الصالح للثورات العربية رغم كثرة التضحيات والضحايا,فاضافة الى الثلاثين الفا او يزيد من القتلى وعشرات آلاف المعتقلين والجرحى والمشردين ,هناك نصف مليون لاجئ سوري يجوبون المنطقة بحثا عن الامان الذي لم يوفره لهم نظام حكم يشيد الاسوار حوله منذ أكثر من اربعين سنة ,ومع ذلك لم ينجح حتى الآن في ان يكون نظاما مقبولا وموثوقا وبالتالي قادرا على حماية ابناء الشعب من (مجموعات مسلحة),وهذا بالمعايير الديمقراطية والاخلاقية سبب كاف كي يسقط النظام طوعا ما دام غير قادر على بسط سلطته على البلاد ,فكيف اذا عجز باعترافه عن منع دخول المسلحين والاسلحة عبر حدود البلد التي يضعها في مقدمة دول الممانعة والمقاومة ,أولم تكن سوريا ساحة للموساد وهي في عز ممانعتها ومقاومتها فحقق عملاء اسرائيل افضل النتائج على صعيد الاغتيال والتفجير في دمشق بالذات ..!؟
اردنيا, يريدوننا ورقة الحسم في سوريا ,وهذه تكلفة عالية لن نتحملها ما لم نكن على معرفة تامة وأكيدة وغير قابلة للتكهن بالبديل الذي سيحل في حكم سوريا , عندئذ ليس مهما الثمن ما دمنا سنضمن امن الاشقاء السوريين وحريتهم ومستقبلهم ,وبنفس الوقت أمن الاردن ومصالحة , ومتى تحقق لسوريا التغيير المفضي الى الديمقراطية الحقيقية لن يكون الاردن بحاجة الى مقابل لموقف لا يزال غير مقتنع به كي ينقذ اقتصاده وموازنته ,فالعلاقات مع نظام حكم عربي ديمقراطي في سوريا في المستقبل كفيل بحل مشاكل البلدين الاقتصادية ,لكن من يجازف الآن بدعم بديل يعيد الارهابيين الينا لتفجير ما بنينا .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة