الأحد 2024-12-15 11:48 م
 

متعلمات ينسقن وراء "الخرافات"

07:42 ص

يبدو أن تراجع نسب الأمية في الأردن إلى ما دون 6 %، لا يخلق فرقا كبيرا في الوعي لدى المجتمع، ما يطرح تساؤلات جدية عن الجدوى الحقيقية للتعليم، وهل هو مجرد الحصول على الشهادة، أم تحصيل علمي يولد الوعي بالذات والمجتمع.على مدار أكثر من نصف قرن، تضاعفت أعداد النساء المتعلمات، وبعضهن قفزن إلى أعلى مراتب الوظائف العامة والخاصة، وفي الوقت نفسه، انحسرت نسبة الأمية بين النساء، ما بشّر بتنامي الوعي والتخلص من السلبيات داخل المجتمع.لكن تحقيقا صحفيا للزميلة مجد جابر نشرته 'الغد' مؤخرا، كشف عن أن التعليم الجامعي لا يشكّل حصانة للفتاة من الانجرار خلف الاشتراطات المجتمعية، خصوصا ما يتعلق منها بـ'ضرورة الزواج لكل فتاة'، كما لو أن الفتاة لا تتحقق كينونتها من دون أن تشرك رجلا في حياتها.تلك نظرة قاصرة تعتمد في الأساس على أن الفتاة لا تعد رقما ما دامت تعيش مفردة، وأنها لا تستطيع تحقيق حياتها الخاصة، إلا إذا تنازلت عن جزء كبير منها للرجل. وهي أيضا نظرة دونية تجذر الظلم الواقع على المرأة منذ أبعد الأزمان.في التحقيق، قرأنا كيف أن فتيات تحصلن على تعليم جامعي، انسقن وراء 'الخرافات' بسبب رضوخهن لدوامة الخوف من أن يمر بهن العمر بدون زواج، ويزيد من وطأة الأمر، ضغط المجتمع والعائلة، فلجأن إلى 'العرافين' من أجل 'فك حجاب اللعنة عن تأخر الزواج'.البحث عن عريس، والحاجة لمعرفة أسباب وقف الحال، تتخطى بالنسبة لفتيات عديدات جميع حدود العلم والمعرفة والرضا بالنصيب، فيبقى اللجوء إلى 'شيوخ حل المشاكل'، خوفا من فوات أوان الزواج، هو الملجأ للفتاة التي لا تؤمن بقدرتها الذاتية على إحداث الفرق في حياتها وحياة عائلتها. بل على العكس تماما، إذ تتخلى عن علمها وثقافتها، وتخضع للضغوط المحيطة، لتترك بالتالي حبل حياتها تقوده أم أو أخت أو جارة.ما كشفه التحقيق عن أن غالبية الفتيات اللواتي يطرقن أبواب 'العرّافين' هنّ من اللواتي تلقين تعليما جامعيا، يضع علامة استفهام كبيرة على 'التعليم' الذي تلقينه، خصوصا أنه لم يسهم في تطوير أدائهن، بل أبقاهن فريسة لاشتراطات المجتمع غير العادلة، مثلهن في ذلك مثل أي فتاة أخرى لم تنل أي نصيب من التعلم، لتنجر الفتيات بالتالي خلف طرق 'وهمية وخرافية'، رغبة منهن بالتشبث بالأمل الكاذب الذي تمنحه زيارات 'شيوخ' و'عرافين'.إن المرأة التي تقع في 'فخ النظرة المجتمعية' وتحاول تصنيف جميع الأمور من خلال معايير شعبية قديمة، تختصر، بلا وعي، مداركها وقدراتها، وبالتالي موهبتها الذاتية وخصوصيتها الفردية، لتعيش ضمن عقلية لا تسمح لها بالاختلاف، بل تجبر المرأة على تنميط فكرها، ليصبح منسجما مع المجتمع والبيئة المحيطة، وبالتالي لا يمكن لأي علم أو معرفة أو ثقافة أن تفيدها بشيء.

اضافة اعلان

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة