عندما بدأت الخليقة بقابيل واخيه هابيل لم يكن هناك على الكوكب اي دول أو اقطار او حدود وانما اول ما تولد لدي البشر هو المصالح وإحتياجات الانسان للبقاء وثم وسائل الحماية والدفاع عن النفس ومن ثم تحديد الاولويات مما حدى بالاخ ان يقتل اخيه .
ولكن القيم والاحاسيس والمبادئ لامست النفس البشريّة لاحقا حيث بدأ يشعر بالحب والكره والقلق والاستقرار والقناعة والمرارة والوحدة والتجمع وغيرها من الاحاسيس التي ولدت بداخله مكامن القوة والضعف وبعد ذلك ابتدأ الانسان يطمح للتميز والابداع وعندما حدّد مكان بيته الذي يعود اليه كل يوم بدأ يشعر بالفة نحو ذلك المكان حتى بات من اهم ممتلكاته التي يخاف عليها ومع تقدّم الزمن بدأ يشعر نحو القريبين منه بمودة زائدة والفة متصاعدة حتى تجمع القريبين من بعضهم في ارض واسعة تضم بيوتهم واصبحت تلك الارض حصنا لهم من الاعداء وملاذا لهم من كل خطر ويدافعون عنها بكل قوة ومع تعدّد اهتمامات الافراد اختاروا ادارة وقيادة يرتضون تعليماتها حيث ظهرت بعد ذلك ما يُعرف بالدول وقياداتها .
ومن هنا يتبين اول العناصر هي ظهور الجماعات على الارض وثم نشوء الدول وهذان عنصران ثابتان بينما بعد ذلك تتشكل القيادات والزعماء وهذا العنصر متغير باستمرار ويتأثر بالظروف ورضى المجتمع وحسن التصرف من القيادة تجاه الوطن والمواطنون.
ومفهومنا للقيادات في العالم العربي والعالم الثالث المتخلّف يقوم على الخوف من القائد واحيانا تأليهه كما يطمع القائد (ويجعل الدستور طيّعا بين يديه )بأن يصبح القائد والرئيس للابد ليخلف الحكم لابنائه من بعده .
وحتّى انتشار الربيع العربي بسرعة كانتشار النار بالهشيم اختلفت الصورة وانتقل الخوف من الشعب للقيادة خاصّة في ظلّ تغول الفساد والفاسدين وارتفاع كلفة المعيشة وانخفاض القيمة الشرائية للنقد المحلّي وادى لارتفاع نسبة هرمون الشجاعة لدى المواطن العربي واصبح يشعر بان الموت بكرامة اشرف من العيش بذلْ .
وزاد خوف القادة العرب من جماهيرهم بعد السقوط الدراماتيكي لقادة عرب كبار اصابهم الصدأ من طول فترة حكمهم وتلوثهم الكبير في الفساد ونهب مقدّرات بلادهم وهكذا تغيّر القائد وبقي العنصران الاخريان الشعب والارض .
ولكن ما حصل ويحصل من تداعيات الربيع هو الخسائر الكبيرة في الارواح كما حصل في ليبيا واليمن وما يحصل الان في سوريا فقد قضى في تلك الدول عشرات الالوف من الشهداء والقتلى بينهم الاف النساء والاطفال ناهيك عن الجرحى والمُقعدين والمشرّدين والمفقودين واللاجئين في مخيمات الذلْ والهوانْ .
وقد مرّفي الكثير من الازمنة زعماء كبار حتّى كادت دولهم تُعرّف بهم وكأنّ الدول تستمدُّ قوتها منهم مثل كاسترو وماوتسي تونغ ونيلسون مانديلاّ والملك حسين وغيرهم ومنهم من كانت الظروف اشهرتهم اكثر من دولهم واراضيهم مثل صدّام حسين وياسر عرفات وغيرهم ومنهم من ميّزتهم تصرّفاتهم فأشهرتهم مثل معمّر القذّافي وغيره .
واحيانا يستمدّ القائد القوّة والشهرة نتيجة الوضع المميّز للدولة كمساحتها وعدد سكانها وعقيدتها او ميزتها النسبية الاقتصاديّة او الانتاجيّة لثرواتها او ارتباطاتها الدوليّة او وجود ازمات داخلية فيها وتكون قوّة القائد المستمدّة او الشهرة المُكتسبة في مثل هذه الحالات مؤقتة ولفترات قليلة اقل من مدّة زعامة القائد ومثل تلك الحالات كثيرة في العالم الثالث وحتّى العالم الغربي المتقدّم ولكن بحالات قليلة نسبيا.
ونتيجة لقوة الدول واحيانا لقوة زعمائها تتشكّل التحالفات وقد تقوم الحروب الدولية فيما اذا اشتدّت النزاعات وتقاربت مصالح الدول المتحالفة اكثر واوضح مثال على ذلك الحربين العالميتين الاولى والثاتية وفي حال مثل تلك الحروب قد تصبح الدول عنصر متغيّر مع بقاء الارض عنصر ثابت .
وعادة الدول القويّة والزعماء الاقوياء هم من يفرضون حقائق على الارض ومثال ذلك اسرائيل لانها من اقوى دول العالم على الاطلاق ليس نتيجة وقوف امريكا سندا لها على الباطل ولا لمناصرة الدول الاوروبية لها تملقا لامريكا او تكفيرا عما يدعونه من تسبّب بالمحرقة وليس لسلاحها النووي ولكن السبب الاهم انها دولة لا تتراجع بسهولة عن قراراتها ولان النظام الانتخابي والمؤسسي فيها قوي جدا وممارستها للديموقراطية لمواطنيها اليهود ممارسة فيها الكثير من المساواة بعكس تعاملها مع رعاياها العرب الفلسطينيون وليس الاشادة بديموقراطيتهم حبا بهم لا سمح الله وانما هو اوضح مثال لما تفرضه على الارض ضاربة بقرارات الامم المتحدة عرض الحائط وها هي انتقاما من الفلسطينيين بعد حصولهم على اعتراف الامم المتحدة بدولة فلسطين مراقبا غير عضو في المنظّمة الدولية اعلنت اسرائيل عن نيّتها بناء اكثر من ثلاثة الاف وحدة سكنيّة ورفضت تسليم اموال الضرائب الفلسطينية للدولة الفلسطينية قبل ان يتراجع الفلسطينيون ويعترفون بيهوديّة الدولة الاسرائيليّة ونتيجة لقوّة امريكا والدول الاوروبيّة ابلغت تلك الدول اسرائيل وسفراءها رفضها للقرارات الاسرائيليّة لانها تُعيق استمرار عملية التفاوض وفي المقابل لضعف الدول العربية والاسلامية لم تُعلن اي دولة خاصّة تلك الدول التي تُقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل رفضها لتلك القرارات عمليا باتخاذ مواقف مؤثرة مع ان الجميع يدرك ان المواقف الغربية لن تتطور اكثر من ذلك وان اسرائيل لن تتراجع دون ثمن لذلك والفرصة مواتية الان للدول العربية والاسلامية التي تقيم علاقات مع اسرائيل لقيام حلف بينها يتخذ قرارات واجراءات واحدة في مثل هذا الظرففتصبح هذه الدول ذات قوة في المحافل الدولية ولدى شعوبها ولأوجدت مبررا لنفسها لتلك العلاقة مع اسرائيل لمناصرة الحق العربي وقت اللزوم .
احمد محمود سعيد
[email protected]
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو