نرويجيات (3 ) واحدة من أفراد العائلة!

في النرويج يصدر ما يقرب 270صحيفة يومية وأسبوعية ومتخصصة. نعم صحيفة من حبر وورق. ولكل منها موقع إكتروني يقدم خدماته للمشتركين فقط (ليس مجاناً). المراقب سيشعر وكأن أزمة الصحف الورقية حول العالم لم تنل من تجربتهم شيئاً. والمدقق أكثر في هذا الرقم المهول يستشعر صدمة حقيقية. فكيف لبلد عدد سكانه 6ملايين نسمة أن يستوعد هذا العدد من الصحف، في وقت بات العالم فيه ينعى ورقية الصحف ويؤبنها.اضافة اعلان


أكبر هذه الصحف (V G) في العاصمة أوسلو، ومعناها حول العالم. وهي حديثة نسبياً. صدرت منتصف أربعينيات القرن الماضي يطبع منها مائة ألف نسخة يومياً يرتفع ليصل إلى 120 ألف نسخة في عطلة الأسبوع أو الأعياد والمناسبات (مليونان من المشتركين على موقعها الألكتروني). العطلة يوم العائلة بامتياز، حيث تصدر الصحيفة مكتنزة بعدد أوراق أكثر، مركزة على شؤون إجتماعية وثقافية مع تحليلات لمجمل نشاطات الأسبوع السياسية. يوم العطلة لدينا، وبالتحديد الجمعة، يعد يوماً ميتاً صحافياً، ولولا إلتزام الصحف برسالتها لما صدرت، ووفرت على نفسها حبراً وورقاً وجهداً.

في كل مقاطعة ومدينة أو تجمع سكاني صحف تخص هذه المناطق فقط، وتُعنى بالشأن المحلي، ترصد وتراقب الأداء المحلي للبلديات (لديهم تجربة مثمرة في نظام الحكم المحلي حبذا لو تقتبس منها بلدياتنا). هذه الصحف لديها اشتراكات منزلية.

زرنا صحيفة مدينة فردركستاد (جنوب البلاد) وتحمل اسمها. وهي عريقة تأسست عام 1881م، ولم تتوقف عن الصدور حتى تحت الإحتلال النازي للنرويج خلال الحرب العالمية الثانية. هذه الصحيفة تواكب النشاط المحلي الحكومي والشعبي.

وتعنى بثيمة ثقافية مميزة (الصحافة كأداة تثيقف ما زالت ماثلة لديهم بوضوح) ويعمل فيها أربعون عاملاً بين صحفي ومراسل ومحرر ومصور، وتصدر ما يقرب الثلاثين ألف نسخة، لتجمع سكاني لا يزيد عن الثمانين ألف نسمة.

في مدينة هولدن الحدودية مع السويد (30 ألف نسمة) تطبع يومين بحدود 21 ألف نسخة، توزع على البيوت والمؤسسات (اشتراكات)، وهذه نسبة تكاد تغطي كل فرد من أفراد هذه المقاطعة.

سألت رئيس تحريرها (لديه 12 زميلا بين محرر وصحفي ومصور ومراسل): هذا عدد كبير في وقت يتجه العالم فيه إلى القراءة الرقمية عبر الهاتف أو الحاسوب. فقال: صحيح ونحن نهتم بهذا الشأن، ولكن ثمة تريبة خاصة نشأت معنا مفادها أن الجريدة هي فرد من أفراد العائلة.

الصحيفة تباع بأقل من سعر تكلفة إنتاجها (ورق وحبر وتحرير وطباعة)، ولكنها محمولة على الإعلان الذي ما زال المغذي الرئيس للصحف.