يا خبزنا .. !

إلاّ الخبز، إلاّ الخبز ...هو سترنا وغطاؤنا ..هو شرفنا الأخير ..واقسم بالذي خلق القمح و جعله خبزاً أنني قبل أن أكتب مقالتي هذه قمتُ بطقوسي كاملة مع الخبز ..أحضرته و تأملته و أحضرتُ معه الشاي ..و أفطرتُ شاياً و خبزاً كأغلب الهاربين –قسراً- من ترف الإفطارات الفخيمة إلى حقيقة المشهد المتكرّر الذي تعودتُ عليه منذ كنتُ رضيعاً في بيت أبي ..!

الآن تريدون أن تجرحونا بالخبز ..وباسم الوطن أيضاً ..الآن سيغدو الوطن في خطر و لا يوجد فكاكٌ لهذا الخطر إلاّ العبث بخبزنا ..و التنمّر عليه ..وما تعلمون بأنكم إنّما تقطعون آخر خيطٍ وهمي بيننا و بينكم ..!

لماذا تصرّون على حشرنا في زاوية واحدة نصرخ فيها : يا خبزنا ..؟! ألهذا الحد تستكثرون علينا نعمة الخبز ..؟! ألهذا الحدّ ترون الخبز (عجبةً) في أيدينا ..؟!.ألهذا الحدّ لا تضعون حدّاً في تغولكم علينا ..؟.

ماذا ستفعل عائلات كثيرة وأنا منهما عامودهم الفقريّ هو الخبز ..؟! تضحكون علينا بلعبة الأرقام ثانيةً و ثالثةً وللمرّة الألف ..؟! نحن لا نصدقكم ..فلماذا لا تصدّقون بأننا لا نصدقكم ..!

مع كلّ وجبةٍ ينقص فيها خبزنا سننظر في وجوهكم ونقول لكم : أنتم من أخذ خبزنا ..ومع كل طفل يطلب الخبز ولا يجده سنمسح دموعه و نرفع يدينا للسماء و لن نقصّر في الدعاء عليكم ..ومع كل ليلٍ نركنُ إليه ستصيبكم لعنتنا ..!

يا خبزنا ..يا آخر معاقلنا ..يا هزيمتنا الكبرى ..نحنُ عراءٌ نحن عراء..! منكم لله ..منكم للذي خلقكم و جعلكم كباراً علينا ؛ تسبحون بكلّ أنواع الخبز و البسكويت و نحن نشقى كلّ يوم لنحصّل الرغيف المملوء بالذلّ و المهانة ..!!

نحن الآن نكره الحياة لأنكم تعبثون فيها فقط ..لا تسألوا لماذا تزداد حالات الانتحار كلّ يوم ..بل اسألوا كيف أوصلنا شعبنا للانتحار ..!! يا كباراً يعبثون بنا و يريدون الخبز في آخر المطاف : إلاّ الخبز ؛ إلاّ الخبز ..!!!