الوكيل الاخباري - الدكتور: محمد عدنان الحموري عضو هيئة التدريس في أدارة الاعمال الدولية
ظهرت في بداية السبعينات شركات تصنيع اجهزة الحاسوب وباقي القصة اصبح تاريخ، حيث أصبحت منتجات تلك الشركات جزء أساسي من حياتنا اليومية الحالية وسترسم المستقبل بدون شك، ومن ذلك الوقت بعضهم خرج من السوق بسبب المنافسة الشديدة أو عدم مواكبة التطورات المتسارعة في هذه الصناعة، وبعضهم استمر الى يومنا الحالي ويعد من أكبر الشركات المصنعة اما للحواسيب بمختلف أشكالها أو لأجزاء تدخل في صناعتها.
قصتنا هنا حصلت في بداية التسعينات مع أحدٍ أكبر تلك الشركات وهي شركة انتل لصناعة الرقاقات ومعالجات بنتيوم لاجهزة الحاسوب الغنية عن التعريف، التي لا يخلو تقريبا اي جهاز من احد منتجاتها المعروفة بدقتها وجودتها، وكانت في ذلك الوقت تحلق في عالم التكنولوجيا بمبيعات تجاوزت 10 مليار دولار وكانت تعتبر الشركة الأكبر في العالم في هذا المجال بدون منازع، وبحسب الكتاب الرائع نخبة القادة الاداريين للكاتبين موكول بانديا، وروبي شيل، بانه وخلال مرحلة التصنيع لرقاقات بنتيوم المشهورة واجهت الشركة مشكلة اعتبرها المدير التنفيذي للشركة في ذلك الوقت اندرو غروف مشكلة ثانوية وغير مهمه، تلخصت المشكلة بوجود عيب بالتصنيع في الرقاقات وهي مشكلة صغيرة جدا جدا جدا بحسب قوله، الى درجة ان المستخدم العادي للأجهزة التي تحتوي رقاقات بنتيوم من شركة انتل سيواجه هذه المشكلة مرة كل 27000 سنة عند استخدام الحاسوب، لذا لم يعطي المدير التنفيذي للشركة المشكلة اي اهتمام في ذلك الوقت، ومع مرور الوقت تسرب الخبر للصحافة بشكل غير واضح وعن طريق اشاعات غير مؤكدة، لذا قررت المؤسسة الاعلامية المعروفة CNN زيارة الشركة للتحقق من صحة الخبر، ولم يعطيهم المدير التنفيذي اي اهتمام في ذلك الوقت لأسبابه التي مفادها بأن المشكلة بسيطة وصغيرة جدا جدا جدا ولا تحتاج كل هذا الاهتمام ولم يقبل بالادلاء بأي تصريح للصحيفة.
انتشرت قصة زيارة الصحفيين من CNN للشركة، وبعد ذلك تفاقمت الأمور الى ان نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقال بعنوان "عيب يقلل من دقة رقاقات بنتيوم" الى ذلك الوقت كانت الشركة قد سوقت لأكثر من 2 مليون حاسوب يحتوي على معالج انتل، قام المدير التنفيذي بالادلاء باكثر من تصريح في محاولة خجوله منه لاحتواء المشكلة، ولكن مساعيه باءت بالفشل الذريع حيث اصبحت المشكلة كبيرة ولا يمكن السيطرة عليها، حيث ضج المستخدمين عند سماعهم بالأمر واعتبروا انهم تعرضوا للغش والخداع من شركة انتل وحصلت على أموالهم عن طريق بيعهم أجهزة ورقاقات تالفه بحسب ما تم طرحه وترويجه من الصحافة، وطالب المستخدمين الحكومة بالتدخل لإجبار الشركة على التجاوب مع المستخدمين وتبديل المعالجات أو إعادة أموال المستهلكين. وحصلت الكارثة!! حيث تدفق جميع المستهلكين الغاضبين على فروع الشركة، وبعد شهور من العناء وتبديل الالاف من الأجهزة تكبدت الشركة خسائر وصلت الى 475 مليون وهو رقم كبير جدا في ذلك الوقت. ولك ان تتخيل الى اي مدى تأثرت سمعة الشركة خلال اشهر ما عرف بأزمة الثقة في شركة انتل. إدارة الأزمات فن يبدأ دائما بالاعتراف بالمشكلة بغض النظر عن حجمها من وجهة نظرك. وذكر المدير التنفيذي اندرو غروف في كتابه (Only the paranoid survive)ان تلك الازمة كانت من أسوء التجارب التي خاضها في حياته كمدير تنفيذي.
كم من المدراء التنفيذيين او متخذي القرار في بلداننا اعتبر مشكلة ما صغيرة جدا جدا جدا الى ان اصبحت كبيرة جدا جدا جدا بحيث لم يستطع احتوائها واطاحت به ووضعته في الجانب المظلم من التاريخ؟
-
أخبار متعلقة
-
الأمن يكشف تفاصيل مهمة عن اختفاء ومقتل المواطن إياد سمارة في لبنان
-
المياه: ضبط حفارة مخالفة في الجفر
-
بتوجيهات ملكية.. أولى قوافل الخير الأردنية تصل إلى سوريا
-
الأردن.. توقعات بإعادة فتح التصدير إلى سوريا الأسبوع المقبل
-
الملك يغادر أرض الوطن متوجها إلى الإمارات
-
دعوة للاستفادة من قرار إلغاء فائدة تقسيط المديونية قبل نهاية العام
-
الملك يستقبل وزير الدفاع القبرصي
-
الأردن.. تطبيق التعرفة الكهربائية المرتبطة بالزمن على قطاعات جديدة اعتبارا من العام المقبل