الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

إضراب المعلمين: طرف ثالث يبدأ بالصراخ



مساء يوم الخميس الماضي طلب مجلس نقابة المعلمين مهلة 48 ساعة للرد على مقترح الحكومة، تشكيل لجنة مشتركة لمعالجة القضايا المطلبية والمهنية للمعلمين وقطاع التعليم، وتعليق الإضراب لحين إنجاز هذه التفاهمات. لكن قبل أن تنقضي المهلة أعلن مجلس النقابة عن برنامج للوقفات الاحتجاجية في عدد من مدن المملكة، في إشارة واضحة على نيته رفض المقترح الحكومي قبل مناقشته رسميا في اجتماع مقرر لقيادة المجلس.اضافة اعلان


من الناحية التكتيكية البحتة، لا يخدم هذا السلوك موقف النقابة، إذ يظهرها كجهة ساعية للتصعيد ولا تستجيب لدعوات الحوار والتهدئة.

الهدف من وراء الوقفات الاحتجاجية في ظل حالة الإضراب الشامل، حسب تقدير مراقبين، هو الخوف من فقدان الزخم في الميدان في ظل دعوات مجتمعية متزايدة للمعلمين بتعليق الإضراب وانتهاج سبيل الحوار.

نهاية الأسبوع الثاني من الإضراب حملت مثل هذه الدعوات، وشهدت الكواليس اجتماعات وحوارات مطولة مع قيادات النقابة وشخصيات سياسية واجتماعية للخروج من الحلقة المفرغة، إلى جانب تصريحات ومناشدات من شخصيات تربوية ووطنية وازنة تدعو النقابة لمراجعة موقفها من الإضراب.

وحتى كتابة هذا المقال لم يصدر عن مجلس نقابة المعلمين أي رد فعل رسمي حيال دعوة الحكومة للحوار المشترك، باستثناء تعليقات من طرف نائب النقيب والمتحدث الرسمي باسم النقابة تشير بمجملها إلى رفض الرجلين للمقترح. ومع إعلان النقابة المسبق لبرنامج الوقفات الاحتجاجية، نكون قد دخلنا بشكل شبه مؤكد أسبوعا ثالثا من الإضراب.

كنا قد وصفنا الإضراب في يومه الثالث بأنه لعبة عض أصابع لن ينتهي إلا بصراخ أحد الطرفين، لكن ما حصل فعلا أن اللعبة مستمرة بينما طرف ثالث هو الذي بدأ بالصراخ في الأيام الأخيرة ممثلا بالطلبة وأولياء أمورهم، الذين بدؤوا يتألمون جراء تعليق الدراسة طوال هذه المدة، ودون أمل بنهاية وشيكة للإضراب.

لن يمر وقت طويل قبل أن تبدأ هذه الكتلة الاجتماعية الضخمة بالتحرك لإنقاذ حق أطفالها بالتعليم، وثمة إشارات على حالة من التململ في أوساط الناس،عنوانها “مع المعلم وضد الإضراب”.

الإصرار على الإضراب بدأ يتحول لعبء على النقابة، وهو بالتأكيد عبء ثقيل على الحكومة والمجتمع. يتعين التفكير بمخرج من هذا المأزق، لإبقاء قضية المعلمين حية في نفوس الناس.

امتناع المعلمين عن التدريس في نفس الوقت الذي يتواجدون فيه بحرم المدرسة، يضر بعلاقتهم مع الطلاب والاهالي، ومع مرور الوقت سيشعر الطلبة تحديدا بأنهم مجرد أداة يجرى توظيفها في صراع نقابي ومطلبي لا ذنب لهم فيه.

ينبغي على نقابة المعلمين التفكير بآلية جديدة للاحتجاج تجنب طلبة المدارس دفع الثمن من حقوقهم المشروعة بنيل التعليم. وفي نفس الوقت التوجه الجاد لاختبار نوايا الحكومة والتعاطي بإيجابية مع طرحها لحوار يفضي لشراكة حقيقية كما وعدت على لسان وزير التربية والتعليم.

استمرار الإضراب لأسبوع ثالث، يعني دخول الأزمة مرحلة الاستعصاء، وبداية انهيار للعام الدراسي برمته، فحجة التعويض عما فات من أيام دراسية لا تصمد أمام حقيقة يعرفها كل تربوي عن استحالة برمجة المناهج الدراسية بعد أسابيع من تعطيل الدراسة.