برز بكل وضوح؛ وعلى شكل يدعو العرب للفخر، واتساع الأمل بدور عربي مؤثر بل حاسم في المنطقة وفي التجاذبات العالمية، التي تتمخض عن ولادة نظام عالمي جديد، قد يكون للعرب فيه دور كامل، يليق بهم وبقدراتهم وإمكانياتهم، والأهم أن يكون لائقا للدفاع عن قضاياهم.
العالم يقول، وأمريكا تثبت هذا، أن السعودية وجهت صفعة قوية لأمريكا، ليس للديمقراطيين منهم فحسب، بل لأمريكا كلها، وللعالم بأسره، فثبات السعودية على موافقتها على قرار اوبك بلس، بتخفيض انتاج النفط مليوني برميل يوميا، للحفاظ على سوق الطاقة ومنع انهياره (حسب وجهة نظر اعضاء الأوبك بلس)، هو الرسالة الأقوى التي توجهها السعودية لكل العالم، بأن النفط العربي سلاح يكفي لحسم معارك العرب مع الآخرين، ووقف أطماعهم وعبثهم بالعالم العربي.. وهذا الموقف السعودي التاريخي، يتكرر للمرة الثانية في التاريخ، حيث سبق للمرحوم الشهيد الملك فيصل أن أظهره للعالم، ودفع حياته ثمنا له، بينما هذه المرة تتخذ السعودية موقفها بإلمام كبير بالمشهد السياسي العالمي، وهي تعرف ماذا تفعل، وتدرك مصالحها جيدا، ومن حقها الدفاع عنها وتحقيقها، بل المطلوب منها عربيا أن تفعله، فلغة النفط لغة جميلة حين تقال في وقتها.
لا نريد أن نبحر غربا وشرقا، على الرغم من جاذبية الشرق وسحره، بل نود مليون مرة أن نتعمق في قضايانا العربية، وندافع عن حقوقنا ومصالحنا، ونتمسك بها، ونبحث عن حلول لمشاكلنا، على طريقتنا وحسب ما تمليه علينا قناعاتنا ومبادؤنا العظيمة.
عالمنا العربي يشكل قوة كبيرة كامنة، لم نستخدمها حتى اليوم، وهاهي السعودية القوية ودون حروب، ولا حتى تصريحات عرمرمية، تكشف عن حجم قوة وتأثير العرب، حين يلتزمون بهويتهم وقضاياهم واستقلال اوطانهم واستقلال قراراتهم.
لا أخفي استمتاعي بمشاهدة ما يجري في العالم على خلفية استقلال السعودية، وعدم اذعانها لرغبات الآخرين، ودراسة خياراتها واتخاذ قراراتها على مقاس مصالحها الوطنية، فهي بهذا لم تعتدِ على أحد أو على بلد، ولم تظهر عداء لجهة او تحالفها مع أخرى، هي فقط التزمت بقرار بسيط اتخذته مجموعة دول نفطية، في توقيت جاء بمحض الصدفة، حيث لم تشعل السعودية حرب شرق اوروبا، ولم تتسبب في ازمة غذاء وطاقة وأزمة ديبلوماسية عالمية، ولا يعني التزامها بقرار الاوبك بلس أنها تضمر عداء او تنصاع في تنفيذ خطة تآمرية ضد امريكا (دعونا ايها الأمريكان من نظرية المؤامرة القاصرة).. السعودية ومنظمة اوبك بلس، تحمي العالم من فوضى سوق الطاقة، ولا شيء غير ذلك، وبقية المشهد وحجم الارتباك الذي يعتريه، ليس من صنع السعودية ولا قرار لها فيه، فهو مزاج (انتخابي) امريكي داخلي، على الأمريكيين أن يديروه على طريقتهم وأن لا يقتادوا العالم للاصطفاف على أساسه.. فللعالم مشاكله وقضاياه، وللدول مصالحها وادوارها، ولن تجازف من جديد لوضعها في أتون صراعات داخلية خاصة بشعوب دول أخرى.
كعربي؛ لا أخفي دهشتي بل سعادتي وفخري بالموقف السياسي السعودي، كما لا أخفي توجسي من تبعاته في المستقبل، لذلك يجب على العرب اولا والعالم الحر، أن يدعما الموقف السعودي المستقل، ويدافعا عنه، فثبات السعودية على موقفها والتزامها بهذه السياسة، كفيل بحسم أكثر من 90% من مشاكل منطقتنا بلا حروب، بل بحياد مستقل محترم، ودفاع ذكي عن الحمى والمصالح، وهذه هي اللغة المطلوب التعامل فيها مع الغرب والشرق، لتنحسر الأطماع ويتوقف العبث بمنطقتنا وثرواتها ومستقبل شعوبها.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي