الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

“الضمان” إذ ينتصر للطلبة



قبل نحو 70 يوما، أعلن رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة عن توافقات مع غالبية المدارس الخاصة من أجل خصم ما نسبته 15 % من الرسوم الدراسية خلال فترة التعليم عن بعد. الإعلان أثار مجموعة من التساؤلات حينها، أبرزها هل هو ملزم، وما هي آلية احتساب نسبة الخصم في ظل حصول بعض الطلبة على خصومات أخرى.اضافة اعلان


لاحقا، تبين أنه قرار غير ملزم ويندرج تحت إطار المسؤولية المجتمعية المترتبة على المدارس، والتي عمد بعضها إلى التهرب من تنفيذه، فيما لجأت أخرى إلى وضع اشتراطات لا تراعي الظرف الاقتصادي الراهن، وعلى رأسها ربط استفادة الأهالي من الخصم بتسديد المبالغ المترتبة على الفصل الأول كاملة.

الحكومة لم تكن حينها جادة في قرارها، بل كان أشبه بقرار شعبوي ويفتقد لأبجديات المنطق، ولو كانت غير ذلك لأوجدت ألف طريقة لإجبار المدارس الخاصة على تنفيذ هذا الإعلان، خصوصا أن عددا كبيرا من تلك المدارس لم ينجح في تقديم خدمة جيدة بشأن التعليم عن بعد.

لكن الأمر لم يكن بذات التساهل عند مؤسسة الضمان الاجتماعي، التي نجحت- حتى كتابة هذا المقال- بإلزام 171 مدرسة خاصة على منح الطلبة الخصم، وذلك عبر استغلال برنامج “استدامة” لدعم القطاعات الأكثر تضررا من جائحة كورونا.
تقدمت المدارس بطلب الاستفادة من البرنامج، والضمان لم يمانع من جانبه، لكن تمكن من اشتراط توقيع المدارس على تعهدات بمنح الطلبة نسبة الخصم، تضاف إلى نسب الخصم الممنوحة سابقا. ماليا رأت المدارس أنها ستحقق فائدة تفوق نسبة الخصم فوقعت بلا تردد، ليستفيد حتى مساء يوم الاثنين أكثر من 70 ألف طالب وطالبة من هذا الخصم.
يسجل لمؤسسة الضمان الاجتماعي، التي حملت على عاتقها منذ جائحة كورونا جزءا كبيرا من المسؤولية الملقاة على عاتق حكومتي الدكتور عمر الرزاز والدكتور الخصاونة، أنها استطاعت فرض مثل هذا الشرط لمصلحة الطلبة وذويهم، خصوصا بعد أن أنهكتهم الأوضاع الاقتصادية التي يمر فيها البلد.

لم تكن المدارس الخاصة أقوى من مؤسسة الضمان، وبالتالي لن تكون أقوى من الحكومات التي، للأسف، لم تقم بدورها الحقيقي بشأن إنصاف الناس من بطش بعض المدارس التي لم تكترث لجائحة كورونا وأثرها على العائلات. الأمر واضح؛ فالحكومة لم تفكر أبعد من إعلان قرار غير ملزم أرادته “رفعا للعتب”، تماما كما الحكومة السابقة التي لم تفعل أي شيء.

اليوم، بات واضحا أن الحكومات طالما حابت المدارس الخاصة على حساب المواطن. الأدوات التي تملكها تفوق تلك التي استخدمتها مؤسسة الضمان الاجتماعي، لكن عند مقارنة المنجز الذي تحقق، فإرادة الضمان فاقت إرادة الحكومة.
على الحكومة أن تقرأ، بإحساس أكبر بالمسؤولية، الطرح الذي يقدمه نقيب أصحاب المدارس الخاصة منذر الصوراني الذي يدعو الحكومة إلى إلزام الطلبة بتسديد المستحقات المالية المترتبة عليهم في الوقت المحدد، بل يطالب بحصر منح 15 % لأولئك الطلبة المسددين للأقساط المدرسية، وأن لا يستفيد منها غيرهم. هذه هي العقول التي تبني صروحا ينهل منها أبناؤنا الطلبة علمهم ومعرفتهم، فماذا ستفعل الحكومة حيالها؟!
في النهاية، هي إشادة بمؤسسة تتعامل بمسؤولية كبيرة تجاه المواطن في ظل هذه الأزمة الخانقة: شكرا مؤسسة الضمان الاجتماعي.