الأربعاء 24-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الفراشات



 
الأرواح التي «استهلكتها» الحياة أصبحت يابسة، و»الكائنات» التي «استهلكتها « العلاقات أصبحت « بلاستيكية « بلا نبض و دفء.اضافة اعلان


بصراحة، أُشفق على بعض الشباب والبنات الذين يحتكون في الحياة مثل « فراشات « تحلق من مكان إلى مكان ومن علاقة إلى علاقة دون أن تدري أنها بذلك تسعى نحو حتفها. تماما مثل « الفراشات» التي تلف وتدور حول « لمبة « الكهرباء أو حول شعلة النار غير آبهة بمصيرها المحتوم.

الفراشات البشرية لديها إحساس ما ، أنها « تعبث « بروحها لكن توقها إلى الحرية أو الى مزيد منها، يجعلها لا تتوقف عند لظة الحقيقة. بل أنها تنسى انها مجرد كائن « هشّ « ضعيف جدا لا يملك القدرة عن الدفاع حتى عن نفسه.

لكنه «الغرور» أحيانا « والمكابرة « أحيانا أُخرى.

في الزمن الماضي كنا نستهلك أرواحنا وأجسادنا بالمعرفة والقراءة ونتنافس على التحصيل الفكري والفلسفي والسياسي ونتبارى من قرأ كتاب ( رسالة الغفران ) للمعري وكتاب (رأس المال) لماركس قبل الآخر.

أما الآن فيتبارون في عدد «الأصدقاء» و «الصديقات» على المواقع الاجتماعية الإلكترونية.

عيون ذابلة من شدة الإجهاد وأبدان ناحلة ومتورمة وظهور مقوسة من كثرة الجلوس أمام الشاشات الإلكترونية.

علاقات من هنا وهناك و «صمود» أمام الردود وأمام « التعليقات».

حرب داخلية يعيشها شبابنا وانتقل الأمر الى بعض كهولنا الذين استهوتهم « العلاقات «.

أخبرني أحدهم ـ رجل فوق الستين ـ أنه لا يفارق « الانترنت « فقد حظي بأكثر من 200 صديقة وكلهن صبايا مثل الورد.

سألته : هل تعرف أحدا منهن؟

قال : طبعا لا لكنني سعيد بوجود هذا الكم من النساء في حياتي.

مسكين محروم.

كان الرجل يعاني من «ارتفاع السكر في الدم» ومن سداد في اثنين من شرايينه» وكلما سار في مرتفع أخذ يلهثُ مثل « بعير» ويتنفس بصعوبة.

كان يستعجل العودة إلى البيت لكي ينفرد بصديقاته « الافتراضيات « ويأمل بالمزيد.

أُشفق على هؤلاء من «دوران» لا ينتهي ومن توظيف سيء للإنترنت. فالحياة أكبر من أن نؤطرها ونختصرها بشاشة وعلاقات وهمية.

هل أنا « واهم «؟

ربما .. ومعذرة ، فأنا ذاهب إلى مكتبتي وبيدي « كبّاية شاي» لتكملة مذكرات محرر جنوب افريقيا نيلسون ما نديلا « « التي أشتريتها مؤخرا... ومعي صوت فيروز يردد أُغنية «: سمرا يا ام عيون وساع »