الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

المتجشّمون العرب



معظم الأمسيات الثقافية التي كنت قبل الكورونا «أتجشّم» حضورها، نجد المحاضر، وبعد أن يشكر الذين أقاموا لهم الندوة وجيرانهم وأقاربهم في الضفتين والمهجر، ويدعو لهم باليمن والبركات، يتحول الكاتب الى الحاضرين ويشكرهم (على تجشم الحضور) وغالبا ما يفترض بأنهم تركوا أشغالهم، في هذا الوقت أو هذا الطقس، وجاؤوا للإستماع اليه.اضافة اعلان


أنا لا أعرف المعني اللغوي لتجشم الحضور، لكنها، فما يبدو، كلمة مهمة، تعني فيما تعني، تحمل المشقة وقطع البوادي والفيافي وخوض الصعاب وتذليلها. وفي تواطؤ فاضح، ينبسط الجمهور ويشعر بالرضى عن الذات لأنه خاض متطلبات التجشم بنجاح أكيد موثق (والدليل: آلوله، على طريقة مسرحية «شاهد ما شافش حاجة»).

الوضع الطبيعي أن يشكر أصحاب المنتدى أو المكان المحاضر، أيا كان، لأنه تجشم مشقة الحضور، من أماكن تكون بعيدة ومكلفة في الكثير من الأوقات، وجاء ليحاضر في جمهور أغلبه فاضي أشغال، أو تم تجميعه بالمخاجلة، على عجل، حتى «لا ننفضح مع الضيف».

العملية كلها طعة وقايمة، ومعظم ندواتنا لا تضيف شيئا، ولا نقول فيها ما يستحق أن يقال، ونكرر ما نقوله في كل مكان نذهب عليه، ونجيب بذات الطريقة على ذات الأسئلة، ونحن مجرد ديكور للحصول على صفة النشاط الثقافي، ليس نحن فقط، بل جمهورنا أيضا.

وتلولحي يا دالية.