الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

المخابراتي والسياسي يتفقان على الحقيقة



قد تكون تلك المرة الأولى التي يجتمع فيها وزير خارجية أردني، أيمن الصفدي، مع وزير خارجية إسرائيلي على أرض عازلة فوق نهر الأردن، وجاء الاجتماع لإيصال رسائل مباشرة لغابي اشكنازي، أهمها أن القدس وما فيها ستبقى تحت الوصاية والرعاية الأردنية، وسيبقى الدعم للفلسطينيين مستمراً، ولكن هناك ما هو أكثر تعقيداً وخطورة من الإجراءات الإسرائيلية، وهي حركة الهرولة نحو الجنسية الإسرائيلية من قبل شباب مقدسيين اختاروا الانضمام الى الدولة المحتلة بالتزامن مع قانون الجنسية الذي يرفض غير اليهودي.اضافة اعلان


اجتماع الصفدي ـ أشكنازي، يذكرنا باجتماعات لجنة الهدنة عام 1949 عندما تم رسم خط الهدنة الذي تصارعنا عليه فيما بعد، قبل أن تهدمه جنازير الدبابات الإسرائيلية عام 1967 واحتلال القدس والضفة الغربية، ومنذ نهاية حزيران الأسود بدأت الحكومات الإسرائيلية بالتخطيط لمستقبل الدولة اليهودية التي لن تتنازل عن شبر تعتبره سيادياً، وبقي العرب الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس يحملون الجنسية الأردنية أو جوازات مؤقتة، ويرفضون الاندماج مع سلطة الاحتلال، وما هي إلا سنوات حتى بدأ قبول الأمر الواقع، حيث تحصّل ما يقارب 70 مقدسياً على الجنسية الإسرائيلية عام 1972 ليتعدى الرقم 30 الفاً في السنوات الأخيرة.

اليوم وبعد اثنين وسبعين عاما من حكم الأردن للقدس، لا يزال الأردن رغم الاحتلال قائماً على واجباته تجاه القدس وما عليها من مقدسات دينية ويقدم الدعم والأموال للأوقاف والموظفين ويحافظ على استمرارية بقاء الجوازات الأردنية في حوزة المقدسيين لدعم صمودهم، ولكن يبدو أن الحال قد تغير عند الجيل الجديد.

فرغم قانون الجنسية الاسرائيلية الجديد، لا زال هناك من يتقدم لطلب الحصول على المواطنة الإسرائيلية، وبعد آلاف المقدسيين الذين تحصلوا على الجنسية الفعلية سابقاً، فإن الشباب ما بين عمر الثامنة عشرة حتى الثانية والعشرين ينتظرون دورهم للحصول على الجنسية الاسرائيلية بعد إجراءات أمنيّة صارمة جداً وقسم الولاء لدولة إسرائيل، وهذا تفريغ سكاني خطير، إذ تجاوز عدد الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية ستة وثلاثين الف مقدسي حسب مصدر موثوق.

من هنا نرى كيف يتفق ضابط المخابرات الدرزي «فادي مقلده» مع عرّاب صفقة أوسلو «يوسي بيلين» بذات اليوم عبر مقالين منفصلين، على أن مشروع قانون الجنسية الجديد ليس سوى ثمرة خبيثة وهو صفعة قاسية وإدانة ليهودية الدولة، وإن كان بيلين يتحدث كسياسي يهودي فإن الضابط مقلده قد نشر مقالته في يديعوت احرونوت علناً، وهو يصف شعوره بالقول: «شعرت بالانكسار، كنت أتساءل ما هو مبرر الخدمة ساعة بعد ساعة، يوماً بعد يوم، لبلد قرر إخراجي من دائرة قوميته».

ولهذا على المقدسيين رفض الجنسية الإسرائيلية لأنها لن تجعلهم مواطنين بل غرباء غير مرغوب بهم، وعليهم التشبث بأسوار القدس كحراس لا كلاجئين، فالدعم الملكيّ والرسمي الأردني وجلالة الملك حينما يقاطع نتانياهو وقد يدعو نائبه بيني غانتس فهو يدرك أنه يستطيع إعادة القاطرة على السكة الصحيحة لحماية الفلسطينيين وحماية المقدسات التي يتربص بها الإرهابيون.