الثلاثاء 19-03-2024
الوكيل الاخباري
 

النصف الممتلئ من كأس الرئيس



دعا الرئیس أمس دزینتین من الصحفیین والكتاب إلى لقاء حواري تمھیدا لمؤتمر صحفي سیعقد الأسبوع القادم لعرض أعمال الحكومة في الربع الثاني من السنة الحالیة، وقال الرئیس ان منھج العمل ھو ان تعلن الحكومة خطتھا والتزاماتھا لثلاثة أشھر تقوم في نھایتھا بمراجعة نسبة التنفیذ وعرضھا للرأي العام وھي فعلت ذلك نھایة الربع الأول من العام وتفعل ذلك الآن للربع الثاني ولفت الانتباه إلى ان نسب الانجاز قد تعلو وتنخفض تبعا للظروف، لكن المھم ھو أن ھذا ھو النھج الجدید الذي تعمل بھ الحكومة. وھو – كما یمكن ان نستنتج – الترجمة لشعار تغییر النھج الذي طرحھ جمھور الاحتجاجات.اضافة اعلان


ھا ھو الرئیس كما في كل شأن آخر یعطي لشعار تغییر النھج المساحة الواقعیة الممكنة دون تصادم مع أحد أو زعزعة لثوابت مستقرة أو مواجھة أو تحد لأي قوى أو مصالح. فمن یستطیع ان یتعارض مع قیام الحكومة بھذا الاسلوب النزیھ في العمل!

شخصیا قررت ان أتكیف في اللقاء مع مطلب الرئیس ان ننظر أیضا إلى النصف الممتلئ من الكأس، واستعان لدعم وجھة نظره بقصة عن خبیر من وفد خارجي التقاه مؤخرا سألھ: لو كنت رئیسا للوزراء العام 2008) كان ما یزال النمو الاقتصادي في أوجھ) وقلت لك ان أزمة مالیة عالمیة ستؤثر علیكم وتطیح بالسوق المالي وسیتبعھا ربیع عربي وثورات تضرب الاستقرار والاستثمار وسوف یرتفع سعر النفط إلى 140 دولارا وسینقطع عنكم الغاز المصري وستغلق حدود الجوار وسیظھر الارھاب وینھار قطاع السیاحة، فماذا ستقول لي عن مستقبل الاقتصاد؟ ستجیب طبعا انھ سینھار، لكن.. یستطرد الرئیس على لسان الخبیر.. ھا ھو اقتصادكم یقف على قدمیھ وبنسبة نمو تصل إلى 2 ،% وھي نسبة معقولة قیاسا لكثیر من الدول التي لا تعاني من أزمة.

ھذا تقریبا ما قصده الرئیس بالنظر إلى النصف الممتلئ من الكأس. وھنا ایضا لا یستطیع احد ان یتعارض معھ وانا شخصیا افعل ذلك كلما اردت رفع معنویاتي او معنویات الآخرین بالمقارنة مع اوضاع تحیط بنا او كان یمكن ان ننتھي الیھا مع كل ما جرى بالمنطقة.. نعم مقاربة مقنعة من الرئیس لكن بعد ھذه المقاربات الذھنیة سأعود آخر النھار إلى الناس وأجد السخط الأشد على كل شيء اصحاب المصالح یعانون والعاملون یعانون والمراجعون للدوائر والخدمات یعانون والاھم بطالة الشباب وانعدام الوظائف.

احرص دائما على السلوك البنّاء والتقییم الموضوعي ولدي موقف اساسي ایجابي من الرئیس واقدر كثیرا انفتاحھ على التواصل والحوار لكن الأمر معھ مثل الباب الدوار تدخل علیھ بإقبال لتجد نفسك تلف إلى ذات المكان. لیس ھناك انتقال حقیقي. وسأذھب لمثال من الموضوع الذي انشغل فیھ باختصاص ومتابعة حثیثة مثل الاصلاح السیاسي. كان الرئیس یقول منذ البدایة لا اصلاح اقتصادیا دون اصلاح سیاسي ثم قال ان تشریعات الاصلاح السیاسي رزمة موحدة متكاملة وأمس برر التعامل بالقطعة مع قوانین الاصلاح والانشغال الطویل باللامركزیة والحكم المحلي ثم وصل لقانون الانتخاب لیقول انھ یسمع عدة وجھات نظر واحدة ان القانون الحالي ھو الأفضل وثبت ان القانون نفسھ لیس لھ دور حاسم في الاصلاح السیاسي، وأخرى تقول ان القانون الحالي بحاجة لبعض التعدیلات الجوھریة، وثالثة تقول بالعودة إلى صوتین او ثلاثة حرة للناخب، وبذلك حیّد نفسھ واعاد تعویم القضیة، وبعد كل المقدمات التي تؤكد على الاصلاح وتغییر النھج عدنا إلى لا شيء.