الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

انتخابات إسرائيلية بلا أوهام عربية



لسنوات مضت كانت انتخابات الكنيست الإسرائيلي بمثابة حدث يشد اهتمام العالم العربي، خاصة الدول المعنية بعملية السلام، إلى جانب الفلسطينيين. نتيجة الانتخابات وهوية الفريق الفائز كانت تحمل معها دلالات وتداعيات مباشرة على مسار العملية السلمية.اضافة اعلان


وبلغ الاهتمام العربي في الانتخابات الإسرائيلية حد التدخل فيها، عن طريق اظهار الدعم لتيار حزبي دون غيره، أو توجيه الناخبين العرب في إسرائيل للتصويت باتجاه يخدم ما كان يوصف بالمصلحة العربية والفلسطينية.
حتى في أوساط الإعلام العربي كان هناك نقاش جدي في أحيان كثيرة حول أفضل الخيارات المتاحة بين القوى المتنافسة في الساحة الإسرائيلية.

استندت كل تلك المقاربات والمواقف، إلى ما كان يعتقد عن سلام ممكن مع إسرائيل لم يكن يمنعه سوى فوز اليسار لإتمامه بالمستوى المأمول. ظاهرة رابين على وجه التحديد هي التي غذت التوقعات والأوهام العربية باحتمالات السلام العادل والدائم على مستوى القضية الفلسطينية.

إسرائيل تتجه اليوم إلى انتخابات ثالثة للكنيست في أقل من عام، وقد تذهب لجولة رابعة إذا لم يتمكن فريق سياسي من ضمان الأغلبية لتشكيل حكومة جديدة.

لكن بالرغم من حمى الانتخابات التي تضرب إسرائيل، لاتكاد تجد لها صدى في أوساط الرأي العام العربي ولا الحكومات أيضا. ليس ثمة حزب أو ائتلاف في إسرائيل يمكن الرهان عليه لتغيير الوضع القائم.

الانطباع العام المستقر في العالم العربي أن إسرائيل برمتها تتحرك من اليمين إلى اليمين المتطرف، ولا أمل يرتجى بسلام في ظل أي حكومة مهما كانت تشكيلاتها.

سنوات نتنياهو الطويلة حطمت فرص السلام تماما، والاتجاه المتزايد نحو اليمين في إسرائيل لم يترك مجالا لتيارات أخرى تضاءلت حصتها في الكنيست، وفقدت مكانتها عند الرأي العام الذي بات أكثر تطرفا من ذي قبل.

إسرائيل اليوم هي كتلة من اليمين واليمين المتطرف، وباستثناء أصوات قليلة ومشتتة، لا نلحظ في الأفق حضورا لقوى وازنة تحمل رؤية ناضجة لسلام يقوم على حل الدولتين.

ربما يكون لموقف الإدارة الأميركية الحالية دور كبير في تجييش اليمين المتطرف وحشده لصالح أكثر البرامج السياسية تطرفا ووحشية في إسرائيل. صفقة القرن التي طرحتها إدارة ترامب أحيت التيارات العقائدية والصهيونية واستقطبت المتطرفين والمستوطنين ومنحت سرديتهم التي كانت لوقت قريب خيارا منبوذا، شرعية سياسية أميركية، وجعلت منها رواية معتمدة لصراع يمتد لقرن من الزمان.

ذلك ما جعل خصوم نتنياهو المفترض بهم الاختلاف مع طروحاته، يتسابقون لإعلان تأييدهم لصفقة القرن، وتبنيها، والمسارعة لإعلان التزامهم بتنفيذها حال فوزهم في الانتخابات.

كان اعتقاد الكثيرين في الساحة العربية أن السباق نحو اليمين والتطرف في إسرائيل هو مجرد نشاط انتخابي لا يمكث فيما بعد، لكن تجربة السنوات الماضية تؤكد بالدليل القاطع أن ما تطرحه الأحزاب الإسرائيلية في الانتخابات، يتحول لبرنامج حكومي معتمد وسياسة ثابتة.

ووسط هذه المنافسة الشرسة على الحكم في إسرائيل لم يعد لدى اليمين ما يخشى خسارته، كل شيء مطروح في حلبة الصراع الصهيوني، حتى معاهدتي السلام مع الأردن ومصر لم تعدا أمرا مقدسا، وها هو نتنياهو مستعد للتضحية بهما كما قال من أجل الحلم الصهيوني.