الثلاثاء 19-03-2024
الوكيل الاخباري
 

تفكيك مخيمات السوريين في الأردن



لم يعد من السوريين في الأردن إلى سورية، إلا عدد قليل، منذ افتتاح الحدود البرية، والتقديرات الرسمية تتحدث عن اثنين وعشرين الفا من السوريين، والمؤكد هنا، ان الرقم لن يرتفع كثيرا.اضافة اعلان


من اصل مليون وثلاثمائة الف سوري، هناك ستمائة وخمسون الف سوري، مسجلون رسميا لدى الأمم المتحدة، والبقية لم يقوموا بتسجيل انفسهم، لاعتبارات كثيرة، وبعض السوريين في الأردن، يحاول الحصول على لجوء سياسي في أوروبا، او تركيا، لكن الأغلبية باتت مستقرة في الأردن.

برامج إغاثة السوريين التي يتم عبرها دعم الخزينة الأردنية، على قلتها، وشكوى عمان الرسمية، من كونها متواضعة، تؤدي ضمنيا إلى تثبيت السوريين في الأردن، وادامة وجودهم، هذا فوق ان لا موجات كراهية في الأردن ضد السوريين، قياسا بما يجري في لبنان، إذ انك مهما سمعت من تذمر شعبي، بسبب ضيق الحال الاقتصادي، فلن تسمع عن أردني واحد يعتدي على سوري، او بيت شقيق سوري، فما تزال القيمة الدينية والقومية والاجتماعية إضافة إلى القانونية، تمنع هكذا تصرفات او ممارسات نراها في دول أخرى.

الأردن تم تحويله، فعليا، إلى حاضنة سنية، وليس ادل على ذلك من عدد السوريين السنة في الأردن، بعد موجتين، الأولى بعد الذي حدث في حماة مطلع الثمانينيات، والثانية بعد الفوضى السورية الاخيرة، كما ان الأردن اصبح حاضنة للعراقيين السنة، خصوصا الأغنياء والطبقة الوسطى منهم، والذين ينتمون إلى بغداد ومناطق غرب العراق، وسواء جرى هذا بشكل مخطط او دون تخطيط، فقد بات الأردن حاضنة سنية عربية، تضم حتى أبناء اليمن، وجنسيات عربية مختلفة، نراها في كل مكان.

عودة السوريين في الأردن إلى سورية، مجرد شعار يطرحه البعض، إذ إن اغلبيتهم لن يعود كون أبناء العائلات مطلوبين لخدمة العلم، ولا يريدون ان يؤدوا الخدمة العسكرية، هذا إضافة إلى ما يتسرب من قصص اعتقال السلطات السورية لبعض العائدين، ما ولد موجة نفور كبرى بين الذين يتواجدون في الأردن، إضافة إلى شيوع أجواء الثأر والانتقام في مناطق عدة في سورية، وعدم توفر فرص عمل، وعدم وجود اي آفاق سياسية، بل هناك مؤشرات اخطر مقبلة على الطريق.

النسبة القليلة من السوريين في الأردن الذين قد يعودون يمتلكون اما عقارات او قطع اراض او مزارع، فيما اغلبية السوريين المتواجدين في الأردن، هم من الطبقة الوسطى او الطبقة الفقيرة، التي وجدت في الأردن، مأمنا سياسيا، ومكانا لحياة افضل مقارنة بظروف سابقة، فيما أغنياء السوريين لم يأت اغلبهم إلى الأردن.

الذي لا يفهمه كثيرون، ان المشكلة ليست في الحرب، فقط، اذ لو توقفت الحرب فلن يعود هؤلاء أيضا، خوفا من تصفية الحسابات، والانتقام والعقاب، وعلى ما يبدو فإن دمشق الرسمية لا تحبذ عودتهم، في ظل إعادة ترسيم الخريطة الديموغرافية في سورية، وتفضل دمشق، بقاء الملايين من السوريين بعيدا عن سورية.

كل هذا يعني ان الأردن اليوم، امام استحقاق اخطر، يتعلق بوجود مخيمات السوريين في الأردن، فإذا كانت كل التقديرات تتحدث عن لجوء طويل الأمد، وولادة أجيال سورية جديدة في الأردن دخلت المدارس، بل واكتسبت لكنة أردنية، وباتت جزءا من الاشتباك الاجتماعي والاقتصادي، فلماذا تبقى المخيمات، بما فيها مخيم الزعتري، وغيرها من مخيمات، موزعة على مناطق عدة في الأردن؟

على الأرجح ان هذا الملف تتوجب معالجته عبر احد خيارين، إما الوصول إلى حل دولي إقليمي بالتوافق مع النظام السوري، من اجل ان يعود السوريون في الأردن ولبنان ودول أخرى إلى بلادهم، دون أي اذى قد يلحق بهم، وتوفير فرص حياة لهم، وإما تفكيك المخيمات في الأردن ولبنان ودول أخرى، والتعامل مع السوريين باعتبارهم عربا يقيمون في هذه الدول، يحق لهم العيش حيثما يريدون، وإزالة هذه المخيمات.

بقاء المخيمات السورية في الأردن غير مناسب، فإما أن يعودوا إلى بلادهم عبر حل سياسي إقليمي- دولي، وهذا امر مستبعد حاليا، وإما ان يتم تفكيك هذه المخيمات، التي لا يجوز ان تبقى مادامت غالبية السوريين في الأردن، يعيشون أساسا بين الأردنيين وخارج هذه المخيمات!