السبت 27-04-2024
الوكيل الاخباري
 

حراث البعارين



للجمل خف كبير، مقارنة بالدواب الأخرى، التي يستخدمها الأوادم في حراثة الأرض، وهذه حقيقة، لا تحتاج من البسطاء أن يتثبتوا من صدقها، لكن يبدو أن بعض قيادات الصف الثاني حتى الأخير، يجدون صعوبة في فهمها، علما بأنها بديهية، ولا تحتاج تفكيرا، فأنت تحتاج أن تحرث تربة أرض لتهيئها للزراعة، والحراثة ببساطة هي نبش التراب، لمزيد من تحسينه للتهوية وتصريف واستيعاب المياه، لا سيما مياه الأمطار، وللحراثة فوائد زراعية عضوية وكيميائية وفيزيائية كثيرة، فليس عمليا أن تزيدها صلابة حين تقوم بحراثتها، بل المتوقع بعد حراثتها أن تحقق الغاية الزراعية من هذا العمل، وهو تهيئتها بشكل أقرب للمثالي، للتهوية والصرف ولتخلص من النباتات والأعشاب والأشواك التي تعيق العملية الزراعية، وأن تكون الأرض مناسبة للزراعة الجديدة.. وحين تقوم بحراثتها باستخدام «بعير خفه كبير» فأنت لم تفعل شيئا بل ربما ازداد وضع التربة سوءا باستخدامك بعارين «ما بتفهم» لحراثتها.اضافة اعلان


بعض القرارات والمسؤولين عنها، يزيدون مشاكلنا تعقيدا، حين يديرون شؤون مؤسساتهم بهذه الطريقة، وحين تذكرهم ببديهيات النجاح، كحقيقة اللجوء لمن هم دون المستوى للقيام بعمل ما، فهم حتى وإن أخلصوا فإنهم لا ينجزون شيئا ولا يقومون بحل مشكلة، إنما يزداد الوضع سوءا بعد تكليفهم بعمل ما..

يتداول العامة مثلا ليس بدويا، ولم أسمع به إلا حديثا، ولا أستسيغه أو ألجأ إليه للتعبير عن لجوء المسؤولين إلى من سبق تجربتهم وفشلهم، ويقول المثل «اللي بجرب المجرَّب عقله مخرَّب»، والمجرَّب.. بالفصحى يعني، هو من سبق تجربته لأداء عمل أو أعمال، ففشل فيها وربما فسد وخان، فهو في النتيجة النهائية غير كفؤ، حتى لا نقول بأنه جدلي أو فاشل أو غير أمين أو فاسد خوان علما أننا نقولها جميعها ولا نقول بأنه غير كفؤ، والمستنكر المستهجن أن يجري توكيل مثل هؤلاء بالأعمال، ومنحهم مساحات حرة للتصرف، وأحيانا صلاحيات، ونوفر لهم حماية قانونية، وتكون الطامة الكبرى حين نلحقهم بمواقع المسؤولية العامة، مع تمام علمنا بأنهم لو أنصفنا وبلا إساءة لهم، لا يجوز استخدامهم واللجوء إليهم لو كنا نتوخى نزاهة وعدالة وإنجازا..
لماذا لا يتوقف صاحب القرار عند هذه الحقائق البديهية، عندما يتولى مسؤولية، يكون فيها صاحب القرار وحامل الأمانة؟ .. ألا يعتبر نفسه فاسدا بتهمة «الضعف في الإدارة» على الأقل، حين يعتمد على فاشلين في عمل عام، أقسم على حمل مسؤولية أمانته، وخدمة الوطن والأمة، والمحافظة على الدستور؟.

نشعر «بالطرش» من ارتفاع صخب الجعجعة، ونصاب بكل الخيبات حين لا نرى طحنا، بل بيدرا من أشواك وفقدان ثقة بكل ما ومن حولنا.. وهي النتيجة الحرفية التي تفسر نظرية «حراث البعارين»..
يا جماعة : ألم تقرأوا تلك الآية في القرآن العظيم «أفلا ينظرون إلى الإبل، كيف خلقت».. ترى البعارين إبل يا ناس، وأهم صفاتها الشكلية في «خلقتها» هي سنامها ورقابها، وأخفافها..

إن كنتم تريدون استخدام المكننة بالحراثة فعليكم بمحراث اسمه «إجر البطة»، لكن يجب تركيبه على «تراكتور» بعجلات رفيعة نسبيا، حتى لا نحصل في النهاية على أرض أشد صلابة ولا تصلح للزراعة.. إسألوا أصحاب وسائقي «التراكتورات الزراعية» فلديهم الحكمة والتجربة والإبداع، التي تؤهلهم للالتحاق بوكالة ناسا الفضائية، ليقودوا حرب النجوم ضد الغزاة الفضائيين الذين يسعون للسيطرة على موارد الكوكب، ويستهدفون القضاء على الجنس البشري، ما دامت القصة حراث بعارين.
سقى الله زمن الحراث حين كان أكبر الهم :إبريقا للوضوء وعليقة للبغل، وفطورنا علبة سردين وبصل أخضر وخبز طابون.