الخميس 18-04-2024
الوكيل الاخباري
 

كما في الأفلام



عادة أتجنب مشاهدة تلك المشاهد التي يبثونها في التلفزيون، وهي مصورة خلال صناعة الأفلام حيث تشاهد البطل وهو موغل بالصهد والفنع والخبط واللبط في أعدائه، وتكتشف انه لا يضرب أحدا بل لا يكاد يلمس العدو. وتكتشف أيضا انه وعدوه داخل الفيلم أصدقاء يتضاحكون حين يتوقف التصوير للإعادة أو لتصوير مشهد جديد.اضافة اعلان


وقد لا تعدم أن ترى مشهد حب رومانسي أخو شليته، ولمّا ينتهي التصوير تدرك أن البطل لا يأبه على الإطلاق بالفتاة التي كان مولها بها قبل دقائق، لا بل قبل ثوان.

المؤلم أيضا أن ترى بطلك المفضل والمبجل وهو يتقافز مثل الكنغر، وهو في الواقع مربوط بأسلاك، او تشاهد شخصا آخر يسمونه (دوبلير) للقيام بالمشاهد الخطرة الطبيعية بدل البطل، حتى لا يصاب صاحبنا البطل وينتهي التصوير.

أكره مشاهدة هذه المشاهد، كما أسلفت، لأنها تعيدني الى الواقع، وتسلبني متعة الخيال والتخيل التي أحصل عليها عند مشاهدة الفيلم، وهذا يعني أننا كمشاهدين نتواطأ مع المخرج والممثل لنضحك على عقولنا ونقنعها أن ما نراه هو عين الحقيقة.

قبل عقدين تقريبا، كنت أكتب لوحات قصصية لتمثيلها في المركز العربي، وكان بين هذه المشاهد منظر لخروف ميت، وقد أراني المخرج العبقري مشاهد الفيلم قبل الإخراج النهائي، وقال لي بفخر بأنه خنق الخروف حتى الموت حتى يظهر الفيلم واقعيا أكثر، ولما سألته لماذا لم يقم بتخديره، قال انه يفعل ذلك حتى لا يتنفس الخروف خلال التصوير. اختنقت بالألم ولم أعد اكتب شيئا للتمثيل من ذلك الوقت.

تخيلوا لو قتلنا كل ممثل يموت في الفيلم...تخيلوا لو حولنا الأفلام الى واقع، ربما سيقوم العالم بإنتاج مئتي فيلم أو أكثر قليلا ثم ينقرض الممثلون. المقصود أن التواطؤ وطمس الحقائق هو أساس التمتع بالأفلام.

الغريب أن الأمر ينطبق أيضا على الواقع والحياة العادية، فإننا نتواطأ في كل شيء تقريبا حتى نعيش ونقطع هذا المسافة الفاصلة بين صرخة الميلاد والقطنة القذرة في أقل قدر ممكن من المعاناة.

 




 

 


 

أخبار متعلقة