الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

لماذا تراجع الرئيس عن قصف إيران؟!



 
أسقطت ايران، طائرة تجسس أميركية، وسواء كانت الطائرة، تطير فوق المياه الدولية في الخليج العربي، أو فوق ايران ذاتها، فقد أوصلت طهران الرسالة الأخطر، أي وجود إمكانات عسكرية متطورة لديها، قادرة على اسقاط طائرة في وضعية الشبح، وتعد فخر الصناعات العسكرية الأميركية.اضافة اعلان


هذه هي الرسالة الأخطر، أي ان لدى طهران تقنيات عسكرية متطورة، قد لا يكون احد على معرفة بأسرارها، او مستواها، وهذا يعني في المحصلة، ان حسابات الحرب، تخضع لمعايير غامضة، قد تؤدي الى انقلابها جزئيا، او بشكل كامل.

الرئيس الأميركي، قرر الرد عسكريا، ثم تراجع، وقرار التراجع بحاجة الى تفسير، ولا يوجد إلا أحد ثلاثة تفسيرات، أولها المخاوف من نشوب حرب إقليمية واسعة، في ظل رسالة طهران عبر الطائرة الأميركية، بما يعني احتمال تعرض الاميركيين الى مفاجآت ليست في الحسبان، إضافة الى تهديد كل الخليج العربي، والملاحة، والقواعد الأميركية وما قد يستجد عبر جبهات العراق وسورية ولبنان وغزة واليمن.

ثانيها أن الرد بحاجة الى إسناد عسكري أميركي أوسع، ووجود قطع عسكرية، وضرورة تعزيز القوات الأميركية في المنطقة، قبيل التورط في رد، غير مضمون النتائج، وان تأجيل الرد، يعود الى أسباب لوجستية فقط، على صلة بالجاهزية.

التفسير الثالث، قد يرتبط بحدوث تدخلات عربية او اجنبية، من اجل إطفاء نار حرب كبرى، ومنح المفاوضات السرية، مجالا، خصوصا، أن أطرافا عدة قد تريد تحجيم ايران، لكنها أيضا، لا تريد حربا، بهذه السرعة، بسبب المخاوف من كلفتها، والمفارقة هنا، أن اكثر الأطراف تضررا من أي حرب هي اطراف عربية وإسلامية أولا، يأتي بعدها تضرر الامن الإقليمي، والعالمي، بما يخص الاحتلال الإسرائيلي، او ضمان تدفق النفط الى دول العالم، بسعر معقول.

الأزمة التي يجد الرئيس الأميركي نفسه فيها، تتعلق بعدم رغبته بالتورط في حرب كبرى، وفي نفس الوقت، لا يستطيع التفرج على الإهانات التي يوجهها الإيرانيون له، وكان من أبرزها اسقاط الطائرة الأميركية، وقصف السفارة الأميركية في بغداد، هذا إضافة الى تهديد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.

مقابل هذه الأزمة في واشنطن، فإن أزمة الإيرانيين، ترتبط بالوقت، إذ إن منع تصدير النفط، وفرض العقوبات، سيؤدي الى الضغط على القيادة الإيرانية، امام شعبها، ولن تحتمل طويلا، ولهذا ستواصل ارسال البرقيات، عبر الخليج العربي، واليمن، ومناطق أخرى، حتى تجد الولايات المتحدة نفسها نهاية المطاف مضطرة للتهدئة والتفاوض السري مع الإيرانيين.

اذا كانت كل الأطراف تعلن أنها لا تريد حربا، فلماذا يتم تبادل رسائل التصعيد، في المنطقة، والاجابة قد ترتبط بمحاولات تسخين المنطقة، من اجل ان يصل الاميركيون والايرانيون الى مائدة التفاوض، وهو تفاوض كما أشير مرارا لن يقف عند حدود الاتفاق النووي، والصواريخ البالستية ، بل قد يمتد الى تقسيم النفوذ في المنطقة، بين الأقوياء، وفقا لمعايير الجغرافيا السياسية والاقتصادية والمذهبية.

كل هذا يقودنا الى السؤال الأهم، حول الذي سنراه في بحر الأسبوعين المقبلين، ويمكن منذ الآن أن نقول، أنه اذا كانت هناك تدخلات ومفاوضات سرية، بين الاميركيين والإيرانيين، بوساطة من طرف ثالث، فسوف نشهد تهدئة نسبية في المنطقة، لكن إذا لم يتمكن الطرفان الأميركي والإيراني، من التفاوض السري، فسوف تتواصل الرسائل وبشكل تدريجي، من جانب الإيرانيين، الذين سوف يتصرفون بطريقة اكثر خطورة، هذه المرة، عبر البحر الأحمر، أو مناطق أخرى، او ابتكار أعمال جديدة، ضد الولايات المتحدة وحلفائها، في دول جديدة، أو في ذات المنطقة، لكن عبر نمطية جديدة، غير متوقعة وغير منتظرة، بما سيؤدي لاحقا، الى توتير أكبر، وفتح المنطقة على كل الاحتمالات.

لن يمر هذا الصيف بهدوء، فهو صيف حاسم، خصوصا، أن الإيرانيين لن يحتملوا العقوبات لعام أو عامين، ويريدون الوصول الى حل قريب، وهذا يعني أن الشهر الحالي، والأشهر الثلاثة المقبلة، سوف تشهد تطورات كبيرة جدا، في ظل إصرار الإيرانيين على ان لا تترك العقوبات اثرا حادا عليهم، وهذا يعني أيضا، أن الأزمة غير قابلة للجدولة او التأخير، وسوف تنفجر، اذا لم تحدث هناك صفقة اقليمية بعيدا عن الأعين، تتم بلورتها لاحقا الى صفقة معلنة، ضمن سياقات محددة، لا تكشف كل التفاصيل والملفات التي تم التفاهم عليها بين واشنطن وطهران.