الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

مازن القاضي.. ريادة بلا ضجيج



 
لا اظن أني سمعت خبرا حول الانتخابات البرلمانية القادمة والتحضير لها يبشر بتحول جديد افضل من الخبر الذي جاء على لسان معالي الفريق النائب مازن القاضي بنيته عدم الترشح لعضوية المجلس القادم أملا في إتاحة الفرصة لشباب قبيلته التي اعتادت أن تحصد أحد مقاعد البادية الشمالية منذ عقود.اضافة اعلان


أعتقد ومعي الكثيرون أن أهمية الخبر ليس في أن الباشا لن يكون في المجلس القادم فالرجل يحظى باحترام قبيلته واهالي البادية وغالبية من عرف الرجل ومسيرته العملية التي امتدت لأكثر من أربعة عقود تنقل فيها بين دوائر ومجالات العمل الشرطي ضابطا وقائدا ميدانيا ومديرا عاما للجهاز قبل أن يصبح وزيرا للداخلية ونائبا لعدة دورات, فالأهمية تأتي من التنازل الطوعي عن مقعد نيابي شبه محقق من قبل أحد رجالات الدولة المحسوبين على تيار المحافظة وفي سابقة تكاد تكون نادرة هذه الايام حيث يستميت الرجال والنساء في الحفاظ على المقاعد ويعمل بعضهم المستحيل في سبيل العودة إليها.

في الأردن لا أحد يساوره أدنى شك بأن المجالس النيابية تحوي شخصيات متنوعة بعضها يشكل عبئا على المجلس ويسيء إلى سمعته والبعض الآخر يتضرر من النقد الذي يوجه للمؤسسة البرلمانية بسبب سلوك وممارسات من ظنوا أن الدخول اليها ترقية وظيفية أو وسيلة لنيل الحصانة أو لحماية تجارتهم ومصالحهم المتشعبة.

في حالة الشيخ مازن القاضي تبدو كل الغايات التي تدفع بالبعض الى الترشح والاستماتة لتحقيق الفوز بعيدة عن تطلعات وتفكير الرجل فهو زعيم لقبيلة عريقة ونافذة يحظى بتقديرها واحترام كل من عرفوه اضافة الى كونه تقلد مواقع لا تقل اهمية عن موقع النائب وخرج منها وهو ما يزال فيها.

ليس من عادتي ان أتوقف عند قرارات فردية لأشخاص أيا كانت محبتي واحترامي لهم لكن الذي دفعني للكتابة عن هذه الحالة هو مقدار الأمل الذي بعثته المبادرة في نفسي وتفاعل الأخوة من أبناء البادية الأردنية معها فقد أحسست وأنا أطالع الردود ببريق أمل ينبعث من البادية الشمالية ليتجاوز في نبله وجديته وصدقه الكثير من مبادرات الإصلاح والبرامج المتلفزة والمواعظ التي نعرضها عبر البرامج المسجلة والمباشرة .

في البادية التي نتهمها بالكثير من الممارسات التي نعتبرها معيقا للتحول السياسي وحيث ما يزال الأهل يتمسكون بالقيم والعادات توجد مساحات وآفاق واسعة للتغيير غير المنمق والمنمذج فالروابط والعلاقات العائلية والأسرية التي نتهمها بإعاقة التغيير هي أفضل أطر التكافل وكنز يصعب تبديله أو الاستعاضة عنه حتى ببرنامج النهضة أو قصص ومشاريع التغيير الممولة والقابلة للتفسخ عند أول المنعطفات.

في بلادنا ما يزال الشيوخ الحقيقيون يملكون سلطة أخلاقية وأدبية واسعة تلزمهم بالمسؤولية الكاملة عمن يقعون ضمن دوائرهم القرابية يرعون شؤونهم ويستجيبون لرغباتهم الخفية والمعبر عنها.
العديد من الشيوخ الذين قادوا عشائرهم وقبائلهم تركوا تراثا يصعب على من لا يملك الجنسية الثقافية فهمه وتحليلة والقياس عليه، في البادية الأردنية ما يزال الناس يذكرون مواقف ومبادرات الشيوخ ممن شكل سلوكهم وفكرهم وشعرهم التقاليد التي يجري الاسترشاد بها كلما ادلهمت الخطوب او اختلطت الامور.

قد لا يعرف ابناؤنا الكثير عن نمر بن عدوان وفندي الفايز وعبطان ابوتايه وراشد الخزاعي وسعود القاضي وحمد بن جازي وجلال القلاب لكنهم هم من روضوا الارض ورسموا ملامح سيكولوجية أهلها وقاوموا جهود الطمس والإلغاء للقيم والمكارم والنبل والشهامة والهوية لحسابات الربح والخسارة.
مبادرة مازن القاضي خطوة تقدمية راقية تصالحية وجميلة تشكل ارضية صلبة للاقتداء بها من اجل توسيع دائرة المشاركة السياسية بمعناها الواسع ونتيح الفرص لأجيال من الشباب المندفع للخدمة العامة والقيام بواجبهم في مجتمع تتسع فيه آفاق التداول ولا تضيق فيها صدور الرجال.
شكرا لك أبا يزيد وأتمنى أن تشكل هذه الخطوة بادرة يقتدي بها العشرات من الأخوة الذين تعب بهم المشوار.