الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

وكورونا قوم عند قوم فوائد



قلناها وكتبناها كلنا؛ لكن بصيغة مختلفة، وعند قولها، كنا نسلط الضوء على مبدأ ذكي في الإدارة، وهو «تحويل التهديدات الى فرص»، وهو مبدأ تتجلى عبقريته حين نتجاوز «مصائب» تحدث في الإدارة وسببها ثقافات خاطئة، أو تمترس خلف «الكلاسيكية» في إدارة الأعمال أو الشأن العام..

حين نذكر الناس والمسؤولين بدراسة الأزمة ومحاولة إيجاد حلول بناءة وإبداعية لها، فهذا أقل ما يجب أن نتوخاه بمسؤول صاحب قرار، ويلمّ بالقانون ويتلمس المصلحة الوطنية العليا في إجراءاته، ولقد لمسنا تغييرات من هذا النوع في الإدارة، وهنا أذكر مثلا:

اضافة اعلان


اكتشفنا أن هناك وظائف في القطاع العام، يمكن للموظفين القيام بها عن بعد، ويقدمون الانتاج نفسه وربما أفضل وأكثر، حين يقومون بواجباتهم عن بعد، ملتزمين بالقانون، فمثلا لو قام مدخل بيانات في مؤسسة ما بعمله من منزله، فما الفرق ما دامت البيانات ستدخل «للسيستيم»؟! بل إنه ربما ينجز أكثر مما يقوم به من داخل مكاتب المؤسسة التي يعمل بها، وفي الوقت نفسه هو لا يتقاضى بدل مواصلات وغيرها من المكافآت المالية، وعلى الصعيد الشخصي فهذا الموظف يرشّد في إنفاقه اليومي، وهذا مثال يبين حجم وأثر البيروقراطية وتأثيرها على المال العام، ويثبت لنا بأن ثمة حلول إبداعية للإنفاق الزائد..

في حديث سابق جمعني برئيس ديوان الخدمة المدنية وبالأمين العام للديوان، تحدثنا عن هذه الوظائف، وأنها ربما تكون معتمدة في نظام الخدمة المدنية بغض النظر عن استمرار أو اختفاء الجائحة، فهي فكرة رشيقة وجميلة ولها فوائد كبيرة.
مصائب قوم عند قوم فوائد؛ يتضمن المعنى نفسه لو استبدلنا المصائب بمصيبة جائحة كورونا، فعلى الصعيد العالمي؛ استغلت الصين وغيرها انشغال العالم بالجائحة، وقدمت صناعات جديدة أو زادت انتاجها من صناعات، كالكمامات مثلا والمعقمات وسائر السلع التي لها علاقة بالوقاية من الوباء والحد من انتشاره، وكذلك فعلت حين توقف أو تراجع الانتاج في صناعات وسلع أخرى في البلدان المتأثرة بكورونا..

محليا؛ لمسنا حقيقة «كورونا قوم عند قوم فوائد» في محلات البقالة المنتشرة في الحارات، حين استمر الحظر الجزئي ومنع التنقل بالسيارات، ولجأ الناس الى السير على أقدامهم لشراء حاجياتهم من أقرب دكانة، وقد حدثني بعض أصحاب هذه البقالات بأنهم عاشوا فترة ذهبية، بسبب كثرة عدد الزبائن، وشدة الطلب «على كل اشي»، حتى ال «كل إشي» لم يكن له سوقا قبل كورونا، لكنه أصبح سلعة مطلوبة، (هناك من اشترى عجّانات) لتحضير الخبز في البيوت !.

هل استغلت الحكومة «كورونا» لفعل ما لم تتمكن من فعله في الظروف العادية؟!..نعم فعلت، وبغض النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا معها في هذه الإجراءات، إلا أنها فعلت خيرا، فمثلا على صعيد شعار مكافحة الفساد، وثبت الحكومة وثبة نتمنى أن تكون كاملة وأن لا تكون مجرد وثبة في الهواء، ولو دققنا النظر، سنجد الحكومة والدولة كلها، استغلت «كورونا» لتقدم حلولا لمشاكل مزمنة مستعصية، لا يمكن التحدث عنها ولو «مجرد حديث» في الظروف العادية، من بينها موضوع «التعلم عن بعد»، فالإجراء سليم، والإخفاق فيه من مسؤولية الجميع وليست مسؤولية الحكومة، فكل متطلبات التعلّم متوفرة، والعتب على جهود المتلقي أو المعلم أو المحاضر بشكل عام، وبالطبع هناك ملاحظات كثيرة على المادة التعليمية التي يتم تقديمها حتى اليوم، وكلها ملاحظات ليس للحكومة من علاقة بها.

الفوائد الكبرى والخسائر أيضا، قد تنتج على صعيد الديمقراطية والإصل اح السياسي والقضائي، فهذه مساحة لا يمكن للمتابع الموضوعي تقييمها الآن بشكل حاسم، لكن التراجع والخسارة في هذا المجال هي أخطر ما نعتبره فوائد قوم بسبب كورونا القوم.