الخميس 2024-12-12 03:37 م
 

أردوغان: إلى «شنغهاي» .. دُرْ!.

07:34 ص

بدا الرئيس التركي السابق عبدالله غل، في المقابلة المطولة التي اجرتها معه الزميلة «الغد»، وكأنه خارج «التغطية», اقرب الى المُراقب منه الى مؤسس شريك لحزب العدالة والتنمية الحاكم، تقلّد مناصب عديدة رئيساً للوزراء، وزيراً للخارجية ثم رئيساً للجمهورية، الامر الذي جسدته بوضوح اجاباته التي تميزت بالحذر وانتقاء الكلمات بحرص,حتى لا يقع تحت نيران الرئيس الأوحد الذي اختزل تركيا في شخصه, وراح يُقصي كل من يشكل خطراً على مستقبله السياسي وفي مقدمتهم غل نفسه الذي استُبعد عن مؤتمر الحزب قبل يوم واحد من انعقاده وقبل خروجه القانوني من قصر بشقايا الرئاسي بعد انتهاء ولايته وانتخاب اردوغان رئيساً جديداً ، فأُخرِج الشريك المؤسس (غل) صفر اليدين، اقرب الى السياسي الحزبي المتقاعِد, الذي لا يجد من يُكاتِبه او يسأله رأياً, تماما كما «جنرال» ماركيز في روايته الشهيرة.اضافة اعلان


الرئيس غل في معرض اجابته على سؤال الزملاء في الغد, حول مساعي تركيا لعضوية الاتحاد الاوروبي وهل يُعاقِب الاتحاد.. تركيا بأساليب اقتصادية، بما يضر مصالحها؟ قال: الهدف من سعي تركيا للانضمام للاتحاد الاوروبي، ليس ان تكون تركيا ضمن دول الاتحاد، لكن الهدف الاساسي هو الحصول على «المعايير» الاوروبية الموجودة حاليا.. ليست المسألة – يُضيف غُل–الانضمام للاتحاد او عدم الانضمام اليه, لان النرويج مثلاً ليست منضوية بالاتحاد وبريطانيا تريد الخروج منه، الموضوع هو ان تكون المعايير التي توصلت اليها هذه البلدان مُطبّقة لدينا في تركيا.

اجابة مُتملِصة تسعى الى تبرير خيبة الامل التركية في الحصول على عضوية النادي الاوروبي الذي «طرقت» انقرة ابوابه طوال 53 عاما ولم تنجح في فتحها, رغم كل محاولات الابتزاز التي قامت بها وبخاصة في ما وصفه حقوقيون اتراك ودوليون باتفاق «العار» الذي وقعته انقرة مع الاتحاد الاوروبي للحد من الهجرة الى دول الاتحاد واستعادة من هاجروا, مقابل حفنة من الدراهم (3 مليار يورو).

كأن الرئيس «غل» الذي يتسم بالهدوء وينجح في كظم غيظه، استشرف صعوبة ان لم نقل استحالة قبول تركيا في الاتحاد, فقام بتعزية نفسه عبر الاشارة الى المعايير الاوروبية التي «حصلت عليها تركيا» ولا نعرف ماذا كان يقصد بعبارته الغامضة هذه، الاّ ان تصريحات اردوغان حول منح الاتحاد مهلة تنتهي اواخر العام الجاري,للرّد على طلب بلاده عضويته, و»إلاّ» فانه سيذهب الى الشعب لاستفتائه وليُقرِّر الشعب ما يريد, كما قرّر البريطانيون الخروج من الاتحاد.لاتترك قيمة لتبرير.. غُلّ

لم يكتف اردوغان بالتلويح بالاستفتاء بل رفع راية الذهاب شرقا وطيّ صفحة التوجه غربا, قائلاً: تركيا ليست بحاجة الى الانضمام بأي ثمن للاتحاد الاوروبي وانها «.. قد تُصبح بدلاً من ذلك عضواً في «منظمة شنغهاي للتعاون» التي تضم الصين وروسيا, اضافة الى اربع دول بآسيا الوسطى هي كازاخستان وقيرغيزستان، طاجيكستان واوزبكستان، تلك المنظمة التي تأسست قبل 15 عاماً (2001) لتشكل تكتلا أمنيّاً اقليمياً في مواجهة تهديدات الارهاب وتهريب المخدرات خصوصا من افغانستان المجاورة والجريمة المنظمة.

ليست منظمة شنغهاي للتعاون بديلاً عن الاتحاد الاوروبي، وليست على غراره اصلا، ما يجعل تهديد اردوغان فارغ المضمون, اللهم الا اذا كان اراد إخفاء فشله في الحصول على عضوية النادي الاوروبي, الذي كان وصفه ذات يوم بانه «ناد مسيحي». رغم ان الصين رحبت يوم امس بتصريح اردوغان وقالت ان الحكومة على استعداد للنظر في طلب تركيا الانضمام الى منظمة شنغهاي الأمنية، وان تركيا شريك «محاور» مع التكتل وتعاونت معه عن كثب منذ وقت طويل، وهو امر تُقدره لها الصين ونحن نعلق اهمية كبرى على رغبة تركيا في تعزيز هذا التعاون.

ورغم اقتراب نهاية العام كمهلة حددها اردوغان كي تحسم «بروكسل» موقفها في هذا الشأن، فان ما يتخذه الرئيس التركي من قرارات وخصوصاً منذ فشل الانقلاب المزعوم، و دعوته البرلمان التركي الى إعادة العمل بعقوبة الاعدام وعمليات التطهير الهستيرية التي يقوم بها ضد «المتآمرين» التي اعتقال وطرد ومطاردة مئات الآلاف، فضلا عن إحكام قبضته على كامل الفضاء التركي, قضاءً وجامعات بما في ذلك تعيين رؤساء الجامعات وسجن الصحافيين واغلاق المؤسسات الصحفية وغيرها ممن لا يمكن اعتباره «التزاماً» تركي بالمعايير الاوروبية, على ما قال..غُلّ.

يجب ان لا تغيب عن البال, الآثار المترتبة على اللغة الهابطة التي تفوح منها رائحة الاستعلاء والغطرسة, التي يخاطب بها اردوغان قادة الاتحاد الاوروبي ومؤسساته, عندما يُوجِّه كلامه الغاضب لرئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولز: (...انظر اليّ، من انت اصلا ايها الوقح؟ انت رئيس البرلمان الاوروبي، منذ متى لك الصلاحية لتقرر شؤون تركيا؟.. كيف تجرؤ؟).

اضافة بالمقابِل الى سلسلة الانتقادات التي يوجهها مسؤولو الاتحاد لحملة القمع التركية ضد المعارضين واعتبار ما يحدث «تدهوراً دراماتيكياً لسلطة القانون في تركيا والديمقراطية وحرية الاعلام, وانها بذلك وصلت الى نقطة اللاعودة»..

ليس ثمة معايير قانونية تلتزمها تركيا في سعيها لدور «امبراطوري» بائد.. تريد احياءه, فضلا عن تخبّطها وتناقض خياراتها, فهي «اطلسية» وتريد شراء صواريخ «S400» الروسية, وتخطب ودّ منظمة «شنغهاي» فيما هي تزعم انها جزء من اوروبا؟ وتعتقل النواب «الاكراد» وتصف نفسها «دولة ديمقراطية؟».


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة