بقدر ما حرصت الإدارات الأمنية مشكورة (في مؤتمرها الصحفي، أول من أمس) على طمأنة الرأي العام الأردني إلى مدى وجود جهود أمنية وحملة واسعة منظمة لضبط الجريمة وحالات الخروج على القانون، بقدر ما أثارت الأرقام التي قرأناها 'الهلع' في نفوسنا من حجم انتشار الجرائم والأخطار الداخلية!
الرقم الكبير الأول الذي قرأناه، هو (49689) مطلوبا تمّ إلقاء القبض عليهم، منهم (47796) أردنيين. ولا نعرف ما إذا كان المقصود بهذا الرقم من يشملهم 'التنفيذ القضائي' عموماً، الأمر الذي قد يرتبط بمخالفات بسيطة أو تشابه أسماء (في بعض الأحيان) ويصل إلى جرائم كبيرة، أم أنّ هؤلاء المطلوبين على قضايا محدّدة ومثبتة. فإذا كان الجواب هو الثاني، يكون الرقم مقلقا، بالفعل، بالنسبة لعدد السكان!
بالنسبة لسرقة السيارات، تحدث المؤتمر الصحفي عن ضبط (3529) سيارة مسروقة، خلال الأشهر الماضية (منذ أيار 2013). وفي هذا إشارة أخرى إلى حجم ظاهرة سرقة السيارات، والتي أصبح يعاني منها المواطنون بصورة دائمة. وبالرغم من هذه الجهود المبذولة، إلاّ أنّ الظاهرة منتشرة، والمقايضة مع أصحاب السيارات صارت أمراً مألوفاً في كثير من الحالات!
المفارقة في المؤتمر الصحفي تتمثّل في الفجوة بين المعطيات والأرقام التي قدّمها مدير إدارة مكافحة المخدرات، والنتيجة التي وصل إليها! إذ ذكر أنّ النصف الأول من العام الحالي فقط شهد ضبط (3863) قضية مخدرات. وأشار إلى أنّ عدد المتورطين في المخدرات ارتفع خلال الفترة نفسها إلى (5242) شخصاً. إلا أن المدير سامي هميسات فاجأنا بنتيجتين:
النتيجة الأولى، هي أنّ الأردن ما يزال ممرّاً وليس مقرّاً للمخدرات. وهو بالتأكيد يستند إلى مؤشرات علمية ومعطيات في إصدار هذا الحكم. مع ذلك، فإن مصدر استغرابي أنّ الأرقام التي يقرأها لا تعطينا هذا الانطباع من جهة، وأنني سمعت تقييماً مغايراً تماماً، سابقاً، من مسؤولين أمنيين في جلسات خاصة، من جهة أخرى!
النتيجة الثانية، أن هناك مبالغة في الحديث عن انتشار المخدرات في الجامعات. إذ إنّ إدارته لم تسجّل أي حالة تعاطي أو اتجار بالمخدرات داخل الحرم الجامعي، وأنّ عدد الطلبة الذين تم ضبطهم يتعاطون خارج الحرم الجامعي يصل إلى (497) طالباً فقط، بينهم (141) طالباً غير أردنيين. وهو رقم متواضع تماماً مقارنة بالشهادات التي نسمعها من زملاء أكاديميين ومن الطلبة، حول انتشار هذه الظاهرة وحجمها الحقيقي في الجامعات. ما يثير القلق بأنّ حجم ظاهرة التعاطي أكبر بكثير حتى من الأرقام المفزعة التي نسمعها من مدير مكافحة المخدرات!
الرقم الآخر المزعج والمؤسف، هو الذي ذكره العقيد حسين العبادي، مدير الأمن الجنائي، عن 'حملات الآداب'. إذ أشار إلى أنّ عدد القضايا التي تمّ تسجيلها وصل إلى (202) قضية خلال العام الحالي، وأنّ عدد الفتيات الأردنيات بلغ (144) فتاة، مقابل (40) من جنسيات أخرى. أي إنّ النسبة العظمى من الفتيات أردنيات، ما يعني أنّ هذه التجارة بدأت تشقّ طريقها نحو 'التوطين'، بعدما كانت القناعة بأنّها 'تجارة مستوردة'. وهذا مؤشر على حجم خطورة الأبعاد والتداعيات الاجتماعية والأخلاقية للأزمة الاقتصادية والمالية.
من الضروري أن نتقدم بالشكر إلى الأجهزة الأمنية على هذه المعطيات والمؤشرات المهمة. لكن من الضروري أيضاً أن تكون تلك مقدمة وخطوة أولى لفتح أفق متين من التعاون العميق بين الأمن والمؤسسات الأكاديمية والخبراء، للتفكير في التعديلات المطلوبة على التشريعات وفي دور المؤسسات الاجتماعية والتطوعية، حتى لا نكتفي فقط برصد الانتشار والصعود لهذه الظواهر، وتسجيل الأرقام الجديدة التي تحطّم السابقة؛ وهو ما سيحدث حتماً إذا لم تكن هناك دراسات وتصورات للسير في الاتجاه المعاكس!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو