انطلقت شرارة فتح (حركة التحرير الفلسطيني) عام 1965 من أجل رفع راية الكفاح المسلح على طريق تحرير فلسطين المحتلة عام (48)، قبل هزيمة (1967) بسنتين، والتف حولها الشعب الفلسطيني والعرب بأغلبيتهم بعد التأكد من فشل النظام الرسمي العربي، فوجدنا بعد مرور بضع سنوات أن الشعارات المرفوعة أصبحت تتجه نحو لغة التنازل التدريجي بالاقتصار على ذكر الأرض الفلسطينية التي تم احتلالها عام (1967) ، وغدت اللغة السياسية المتداولة على ألسنة المنظمات الفلسطينية وألسنة العرب جميعاً (242)، والمطالبة بحدود عام (1967)، وكانت هذه اللغة في ذلك الوقت تعد خيانة عظمى لأنها تمثل اعترافاً بالاحتلال واعترافا بدولة الاحتلال، وقد سقط بعض الشخصيات الفلسطينية اغتيالاً من إخوانهم في النضال والسلاح، مثل «السرطاوي» الذي تجرأ بوقت مبكر على القول بضرورة الرضى بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران، أو على أي شبر فلسطيني محرر منها، وعندما أقدم قادة المنظمة على الرضا بهذا المنطق، قامت قيامة المناضلين الآخرين، وجرى جدال عربي وفلسطيني واسع وعميق يتهم هذا التنازل، وكان منطق المتهمين يستند على تاريخ انطلاقة فتح الذي سبق احتلال أرض 1967.
حيث بات معلوماً أن مجرد الرضى بالخطوة الأولى سوف يكون عبوراً لنفق مظلم من التنازلات التي لا تنتهي، لأن الاستراتيجية «الاسرائيلية» التفاوضية تقوم على انتزاع التنازلات بشكل تدريجي مستخدمة فلسفة الاستثمار في الوقت بطريقة ناجحة.
تجربة فتح ومنظمة التحرير واضحة وجلية في هذا المسار وليست بحاجة إلى مزيد من الشرح، حيث إن مجموعة الدول الكبرى التي رعت نشأة الكيان المحتل وتأمين الاعتراف الدولي به، هي نفسها التي تشرف على إدارة العملية السياسية برمتها ابتداءً وانتهاءً، وتساند الكيان الصهيوني في عملية التفاوض الجارية مع الأطراف العربية، وقد وضعت مجموعة من المبادىء التي لا يمكن القفز عنها، تتمثل بالاعتراف بدولة اسرائيل اعترافاً صريحاً واضحاً لا لبس فيه ولا غموض ولا التفاف ولا دوران، وبعد ذلك التعهد بنبذ العنف والكفاح المسلح وتسليم السلاح وحل كل المنظمات المسلحة وتحويلها إلى مجموعات سياسية مجردة، والتنازل عن حق العودة وطرح مبدأ التعويض والبيع بأثمان معروفة تدفعها أطراف عربية وطرح مبدأ التعاون على توطين من يتخلى عنها، ومن ثم الذهاب إلى المفاوضات المباشرة.
المطلوب من الفلسطينيين والعرب جميعاً هو تقويم هذه التجربة المريرة، وليس تكرارها في المفاوضات والعمل السياسي حذو القذة بالقذة، والمطلوب بشكل أكثر وضوحاً وأكثر صراحة، عدم تكرار التجارب الفاشلة، وعدم استنزاف مزيد من الوقت ومزيد من الدم ومزيد من الجهد للعودة إلى المسار نفسه بالطريقة نفسها تحت ضغوط المقربين والأبعدين.
المطلوب أن تكون السياسة في خدمة المقاومة المشروعة وليس العكس، والمطلوب توحيد الشعب الفلسطيني أرضاً وشعباً وقيادة وبرنامجاً، والمطلوب عدم الذهاب إلى النضال البديل، وعدم البحث عن عدو بديل ولا عن وطن بديل، فالعدو معروف والطريقة في مقاومته معروفة، ولا يحتاج الفلسطينيون إلى تكرار محاولة سياسية معروفة النتائج ومرسومة المآلات مسبقاً، وهناك تجارب ناجحة في تاريخنا العربي والإسلامي، وهناك تجارب عالمية عديدة تكللت بالنجاح قديماً وحديثاً، ولذلك يبدو أن الفرق بين تجربتي فتح وحماس يكاد ينحصر في الوقت والمدة التي تستغرقها كل منهما في عملية الوصول إلى الاعتراف الصريح، حيث إنه من البديهي أن إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لن يكون دون مفاوضات مباشرة ودون اعتراف وتعهدات وضمانات وشروط والتزامات، لأن دخول الحمّام ليس كالخروج منه كما يقول العامة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو