الاحصاءات الرسمية التي قدَّمتها المؤسسات المختصة في العالم العربي ، تظهر نسباً مخيفه للرجال والنساء ممن فاتهم قطار الزواج ، وهذه أزمة في غاية الخطورة لمجتمعات محافظة تلتزم بقيم الدين الإسلامي وتسلك مطبوعة بثقافته ، تقول الإحصاءات أن في مصر وحدها تسعة ملايين فرد بين أعزب وعانس تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين دون زواج ، وفي السعودية مليون وتسعون ألفاً من النساء فقط تجاوزن سن الثلاثين وما زلن بانتظار فارس الأحلام الذي رسمته المسلسلات التلفزيونية ووسائل الإعلام الأخرى في أذهانهن ، أما نسبة العازبات في الجزائر فقد بلغت واحداً وخمسين في المائة من إجمالي عدد النساء ، بينهن أربعة ملايين فتاة تجاوزت أعمارهن الرابعة والثلاثين دون زواج ، وفي الأردن بلغت النسبة خمسة وخمسين في المائة ممن بلغوا سن الزواج عزاباً وعزباوات! ، ويستمر شبح الإحصاءات المرعب مخيماً بظلاله في أكثر من دولة عربية من المحيط إلى الخليج ، والأسباب التي أدت بنا إلى هذه الحالة المأساوية متعددة وهي ، وفقاً للدراسة التي نشرتها مجلة العربي الكويتية في ملحق عددها لشهر آب هذا العام ، تكمن في الانبهار الثقافي بالغرب الذي يرفض الزواج المبكر ويعتبره من سمات التخلف في المجتمعات العربية ، في حين يبيح الغرب العلاقات الجنسية المفتوحة قبل الزواج ، وهو ما لا يمكننا فعله التزاماً بالقيم الدينية والتقاليد الموروثة ، كما أن للإعلام دوراً كبيراً في صناعة حلم الفتاة العربية بالحب الرومانسي والفارس الوسيم الذي لا تتوافر إمكانية العثور عليه في المجتمعات المغلقة التي لا تتيح للفتاة التعامل المباشر والحر مع الرجال ، ولا يجب إغفال دور الأسر العربية في حجم الاشتراطات المرهقة لمن يتقدمون للزواج من بناتهم ، وهناك عوامل أخرى ثانوية ، كرغبة البنات في التعليم العالي ورفضهن الزواج من خاطبين أقل تعليماً.
وما نود قوله في هذه العجالة ، أن هذه المشكلة مدمرة للأخلاق والأنفس وقابلة للإنفجار السري والعلني في زمن قصير ، وهي أخطر من الغزو الأجنبي الذي يدمر المباني والمنشآت ولا يدمر العقل والإبداع والذات الخلاَّقة ، فالحرمان من الحب الحقيقي وكبت الحاجات الجسدية والروحية وقمع الوجود الإنساني بنصفيه الذكر والأنثى ومنعهما من التلاقي لخلق حياة جديدة ، أمر يبقى احتماله فوق طاقة البشر ، وهو إلغاء جائر للغرائز الطبيعية يدفعها إلى التعبير عن ذاتها بالعنف ، فما جدوى المليارات التي تهدرها الدول العربية على التسليح والإعمار والبُنى التحتية والفوقية ، وبرامج التنمية البشرية والسياسية لأفراد مُحْبَطين يائسين مشلولين ذهنياً ومحطمين نفسياً ، وما فائدة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وكل جمعياتنا الخيرية والتعاونية ومواعظنا الدينية والأخلاقية ، إذا لم تُتَرجَم عملاً ملموساً إزاء مجتمعاتنا المشتته فكرياً والفاقدة لهويتها وحلمها في مستقبل الكفاية جسداً وروحاً!.
هل نقنع شبابنا من الجنسين بالمواعظ والصبر والصيام أمام هذا الغزو الجارف لمشاهد الحياه الدنيوية في عالم مفتوح على مصراعيه؟!، لا بد من إنشاء صندوق عربي موَحَّد ومنظومة إعلامية عربية توعوية ، ولجان محلية وإقليمية تتصدى للمشكلة بالحلول العملية الملموسة ، وإلا بقيت رؤوسنا مدفونة في الرمال ، وغادرنا الحضارة بفساد أخلاقنا وذهابها تطبيقاً لما قلناه شعراً:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو