طافت شوارع المملكة بمواكب عديدة بسيارات يقودها أولياء واقارب الطلبة، أطلقت زواميرها تعبيراً عن الفرحة بهذا الجيل وهم ينهون المرحلة الثانوية بجدارة منهم احرزوها، والبقية احرزوها بوسائل يشوبها الغموض، وقبيل الاعلان عن نتائج الثانوية العامة بأيام قليلة، سطعت اغلبية الصحف بعناوين تبين وجود تجاوزات خطيرة في عملية اداء الطلبة لامتحانات الثانوية العامة، ففي تحقيق استقصائي للصحفي مصعب الشوابكة كشف عن حقائق وأسرار شبكات المتاجرة بامتحانات الثانوية العامة، حيث تقمص هذا الصحفي شخصية طالب وانضم رسمياً للامتحان الوزاري الرسمي بعدما قرر إعادة تقديم الامتحان الثانوي وهو خيار يسمح به القانون أصلا للجميع، فأثبت من خلال هذا التحقيق ان عمليات الغش في امتحانات الثانوية العامة اصبحت بازدياد والانتشار وتأخذ منعطف الظاهرة المقلقة، فنحن نعلم أن المجتمع دائم التغير حسب النظريات العلمية التي أثبتت ذلك، و ما نراه من تغير في مجتمعنا خطير جدا على مستقبله، فهذه الظاهرة أصبحت يتقبلها و يقوم بها أي شخص في المجتمع، المهم هو النجاح و لا يهم كيف تم النجاح .
فعند قراءتي المتمعنة بنتائج التحقيق الذي اجراءه الصحفي لم أتفاجئ بها، لان هذه الظاهرة موجودة من القدم لكنها لم يكن لها الانتشار، لكنني استغربت بتطور اساليب الغش في الامتحانات، فعندما تقدمت لامتحان الثانوية العامة في العام 2004 تم الكشف عن وجود اختراق في مسار عملية الامتحانات للثانوية من خلال حصول العديد من الطلبة على ورقة الامتحان قبيل موعدها بساعات، وفي تلك الاثناء تم الكشف عن هذه الخلية التي تقوم بهذه العملية، وقامت الوزارة بمعالجة هذا الخلل بإعادة الاختبار للمواد التي تم تسريب اسئلتها، ولكن الامر في هذا الوقت مختلف فأصبحنا نرى التلاميذ يحضرون للامتحانات ومعهم وسائل الغش بأحدث التكنولوجيا وبمساعدة أولياء أمورهم والمراقبين فأي أولياء هؤلاء الذين يربون أبنائهم على مبادئ الخيانة والضعف والكذب والخداع، وكيف أصبحت هذه الفكرة المتداولة في المجتمع مقبولة مئة بالمئة.
أصبحت هذه الظاهرة خطيرة وشائكة جدا لأنها تمثل مرض اجتماعي خطير، ولقد توطدت الفكرة جيداً في أوساط المجتمع، فكيف يقبل افراد المجتمع أن ينجح ابنائهم ويعلمون أنه لم ينجح بالجد والعمل الحقيقي للنجاح، بل نجح شكلا و لم ينجح فعلا، بل إن الطلبة الناجحين بالأساليب المرتبطة بالغش وبمعدلات خيالية أصبحوا يتباهون أمام الأقلية من الطلبة اللذين يجدّون من أجل النجاح و يحصلون على معدلات حسب قدراتهم، وبالتالي سيحصل برود في همة هؤلاء المجتهدين، ولكن واقعنا متناقض للنظرية التي تقول 'إن تدرس تنجح'، فهؤلاء الطلبة يكدون و يسهرون الليالي من أجل الحصول على النجاح وفي المقابل يجدون طلبة آخرين نائمين طوال السنة وينجحون في أخر السنة وبمعدلات مرتفعة ألا يصابون بصدمة تجعلهم يندمون على تعبهم!
فوزارة التربية والتعليم لو قامت بإجراء تحقق من نتائج الطلبة المتقدمين للثانوية العامة على نظام الدراسة الخاصة لوجدوا ان هنالك العديد منهم قد اجروا اختباراتهم في اماكن بعيدة جداً عن سكناهم، ولهم سنوات عديدة يحاولون تحقيق النجاح في الامتحان لكنهم يفشلون في كل مره، بينما في هذا العام فقد حققوا النجاح بمعدلات عالية لا يتوقعها العقل، فماذا سيكون التحليل المبدئي لهذا الامر، اترك الاجابة لكل القراء، لأنها واضحة ولا تحتاج لأي تفسير، وهنا فلابد من ايجاد حلول للقضاء على هذه الظاهرة، من خلال ضبط عملية اجراء الامتحانات، وتشديد الرقابة على القاعات وتركيب اجهزة حديثة ليتم قطع كل وسائل الاتصالات الخلوية داخل القاعات لكي لا يتسنى لأي طالب القدرة على الحصول على المساعدة من أي جهة كانت خارج القاعة، وهنالك حل اكثر منطقية من السابق ألا وهو العمل على استحداث امتحان قبول للجامعات الاردنية، والغاء امتحان الثانوية العامة فكثير من الدول الاوروبية تتطبق فيها هذا النظام واثبت نجاحه، فعلى وزارة التربية والتعليم بالتسارع للمعالجة الجذرية لهذه الظاهرة، لان عدم الاهتمام بمثل هذه القضايا الهامة ستولد أجيال قادمة لا فائدة منها في تنمية المجتمع. فيصبح مجتمعنا مجتمع الواسطة لا مجتمع الجدِّ والنجاحات بجدارة....عَجُزَ قلمي عن الكتابة أكثر فجفَّ حبره .. ولهذا أترك لكم الرأي عمّا عجزت التعبير عنه!!!
علي مصطفى العساف
[email protected]
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو
