الهجرة بداية العزة

د/ زيد خضر - يحتفل المسلمون في الأول من محرم ببداية عام هجري جديد ، فهم يستقبلون عاماً ويودعون آخر ، ولا أريد أن أردد العبارات المألوفة :أن ذلك من أعمارنا ولنحاسب أنفسنا ،ماذا فعلنا وما استفدنا .. فتلك عبارات نحفظها ولم يطبقها معظمنا . اضافة اعلان


القضية يا سادة :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة المنورة وأقام فيها دولة إسلامية ، وسرعان ما اتسعت الدولة ونمت ، فعند وفاة النبي صلى الله علية وسلم بعد أحد عشر عاماً أصبحت الدولة تشمل جزيرة العرب كلها .

واتسعت الدولة الإسلامية في العصور اللاحقة : حتى استطاع العثمانيون التوغل في أوروبا وفتحوا كل منطقة البلقان ، حتى طرقوا أبواب فينا عاصمة النمسا وأقاموا أكبر دولة في العالم آنذاك .

ثم تآمر الغرب والشرق على إسقاط الدولة العثمانية ، وخدعوا بعض العرب والمسلمين لينضموا إليهم ويساعدوهم في تنفيذ مخططاتهم بعد أن دغدغوا عواطفهم بأماني معسولة ، وسقطت دولة الخلافة العثمانية وتقاسمت الدول الاستعمارية ممتلكاتها ، ولم تف هذه الدول لحلفائها من العرب والمسلمين بوعودها ،فلم تعطهم شيئاً واحتلت بلادهم واستولت على ممتلكاتهم ومقدساتهم واعتقلت أحرارهم .

والآن وبعد أن تحررنا من الاستعمار –ولو بشكل نسبي -عاد بعض العرب ينفذون أجندة الدول الأجنبية الاستعمارية وحتى الصهيونية لأسباب مختلفة ، فماذا حصدنا : التمزق والشرذمة ، انتشار العنصرية والإقليمية ، ضياع أجزاء من أوطاننا ومقدساتنا وأقصانا ،بل ضاعت عزتنا وكرامتنا ،حتى أصبحنا نقتل بعضنا بعضاً ، ونتهم الشرفاء بالعمالة والخيانة ،ونطاردهم ونقتلهم ، ونجرم من يتصل منهم بالمجاهدين الذين يدافعون عن أوطانهم ومقدساتهم ،بل ونحاكمهم إرضاءً لأعدائنا وناهبي خيراتنا ! حتى أصبحنا أضحوكة الأمم .

ألم يتعظ هؤلاء الذين يوالون الأعداء بما جرى لدولتهم الإسلامية ، وضياع بلادهم ومقدساتهم وهيبتهم وكرامتهم ، ألم يدركوا أنه من الخطأ القاتل موالاة الأعداء ،هل يدركوا أنه يجب أن نحب بعضنا بعضاً ، ونتكاتف سوياً لمصلحة بلادنا وشعوبنا يدركون أن الاتحاد قوة والتفرق ضعف ؟

هل يمكن أن نعود أقوياء أعزاء كالدولة الإسلامية التي بدأت بالهجرة النبوية إلى المدينة ، إن ذلك ممكن وأكيد إذ تمسكنا بإسلامنا وانتبهنا إلى مصالح دولنا وشعوبنا وتخلينا عن اللهاث وراء الأجنبي ،فلنجعل من ذكرى الهجرة بداية العزة لأمتنا .