السبت 2024-12-14 12:57 م
 

بطولات ما بعد التقاعد

11:30 ص

.أريد أن أكتب للسيد عون الخصاونة كلاما ليس بالعابر في السطور العابرة....ولكنها اسئلة برسم القلق الوطني فقط.اضافة اعلان

ولأن الرئيس السابق مولع بالصوفية حد الغرام...سأخاطبه بالقلب الصوفي والحرف الصوفي...
في نهاية التسعينات اصطحبني أحد الاصدقاء إلى مقام الولي الصالح وأحد أئمة الصوفية عبدالقادر الجيلاني ببغداد....وذهلت لحجم الزوار الذين جاءوا إلى مقامه طلبا لبركاته...
يومها قررت أن اعرف لماذا الناس في العراق تزور مقام الجيلاني وتطلب بركاته....لأنه زاهد صادق وفقيه وعالم.وأكثر ما ميز عبدالقادر الجيلاني أنه اذا خطب ساد الهدوء وإذا تحدث صمتت القلوب وخشعت لحديثه وقد روي عنه أنه ذات يوم وأثناء استرساله في الوعظ وحب الخالق سقطت عمامته..ولشدة تأثر أهل بغداد بحديثه ألقوا عماماتهم.
لم يمر في تاريخ الصوفية رجل بمثل تأثير عبدالقادر الجيلاني..فقد نشأ في عهد سادت فيه الفرقة الباطنية التي نهشت جسد الدولة العباسية وأثخنته بالفوضى...وكانت دعوة الجيلاني هي بمثابة الانقلاب على الفوضى والحركات الخارجة عنها والعودة إلى أصول الشرعية.
أحيانا أجد في لحظة تأمل أن أكثر الناس صوفية في بلادنا هو وصفي فقد برع في المذهب الوطني (والوصفية) لم تكن حالة وطنية فقط بقدر ما كانت مذهبا سياسيا يؤسس..للولاء ولعشق الوطن وللجهاد في سبيله.
وصفي كان حين يخرج من المنصب يقاتل في سبيل بلده..وأتذكر أني قرأت خطبة له حين كان عينا في العام (69) حيث قال فيها :- (.. إن الذين يعتقدون أن هذا البلد قد انتهى واهمون، والذين يعتقدون أن هذا البلد بلا عزوة واهمون كذلك، والذين يتصرفون بما يخص هذا البلد كأنه)جورعة) مال داشر واهمون كذلك»..
سأعود إلى دولة رئيس الوزراء السابق عون الخصاونة وأود أن اقول له :- أنت لست بعبدالقادر الجيلاني الذي أراد ان يعيد الناس إلى حضن الدولة واصول الفقه والتشريع...فصوفيتك يا صديق هي اشبه بمن يجول في الاصقاع طالبا من الناس أن تسمع له..والشيخ الجيلاني كانت الناس تأتي لمدرسته....
وأنا استغرب من سلوك رئيس وزراء يطوف على التنظيمات وشخوص ما يسمى (بالمعارضة) علما بأن الصوفية تحمل كبرياءً ما بعده كبرياء فالشيخ يؤتى إليه ولا يذهب إلى أحد.
وأنا للان لا أفهم كيف يزور رئيس وزراء سابق تقلد أعلى منصب في الدولة..شخصيات مبتدئة في علم السياسة وهل يسمى هذا إنقلاباً على الدولة أم فقداناً للبوصلة.
الأمر الآخر..الأردني يؤمن ببطل واحد هو وصفي وبطولاته لم تأت من التقرب لحمزة منصور ولا من زيارات ليلية معارضة ولا من ولائم يتم فيها اطلاق خطب مليئة بالمغالطات وتتحدث عن الاستبداد...بطولة وصفي جاءت من نهج أسسه وهو التصوف في الوطن وكانت طريقته قائمة على الدم والشهادة...
لا أحد من رؤساء حكومات سيبلغ مرتبة وصفي ولا أظن أن احدا يستطيع أن يؤسس في الوطن الأردني صوفية جديدة قائمة على نبذ الباطنية وتوجيه الناس إلى الوحدة والتلاحم.
ضد من يؤسس الرئيس الخصاونة هذا الحراك؟ وضد من يطلق هذه الدعوة أنا شخصيا لا أعرف..ولكني ادرك أمرا مهما وهو أن حرمة الأمانة – واقصد رئاسة الوزراء- التي أوكلت للشخص تستدعي منه أن يصونها لا أن ينقلب عليها...
وطننا في هذه المرحلة لا يحتاج لبطولات ما بعد التقاعد بل يحتاج لرجاحة العقل والصمت التي تصيب المتقاعد....ووصفي التل فضل أن لا يهرم في بيته..وينزوي في زاوية صغيرة من أجل الحصول على الراحة بل فضل الشهادة وأسس للمتصوفين في الوطن نهجا جديدا يقوم على عشق الأردن فقط واحترام الدولة والولاء للعرش....وأن تكون البنادق ديدن الحر فقط.
كانوا يقولون أن بعضا من الحركات الصوفية شذت عن الشرع وانقلبت على صلب العقيدة...وأنا أجزم أن بعضا مما يسمى بالشخوص الوطنية قرأت الصوفية باللغه الإنجليزية الفصحى في حدائق جنيف فانقلبت على وطنها..


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة