ميزة وزير التربية والتعليم د. عمر الرزاز، تكمن في عقليته المنهجية وقدرته على التشخيص وترسيم المفاهيم الكلية والفرعية، التي من الضروري أن يتأسس عليها المنظور الاستراتيجي المطلوب، وهو ما يمكن ملاحظته في تحليلاته الاقتصادية سابقاً، وفي موقعه الحالي كوزير للتربية والتعليم، بل بعبارة أدقّ كمخطط استراتيجي لإحداث ثورة كبيرة في مجال التربية والتعليم.
لا أريد في هذا المقال الولوج إلى تفاصيل المحاضرة أو موضوع التعليم، إنّما أحببت بالفعل أن أقف عند المفهوم؛ أي القدرة على تشخيص وتحليل المشكلة، وتعريف الأخطاء، من ثم بناء تصوّر الحل أو المستقبل. فمثل هذه العقليات المفاهيمية، المنهجية التحليلية، نحتاجها ليس فقط في التعليم، بل في مختلف السياسات، والتطورات، لنفهم أين نقف اليوم اجتماعياً وسياسياً وثقافياً وإلى أين نسير، وليس صدفةً إذاً أنّ عنوان محاضرة د. الرزّاز – أول من أمس- في منتدى عبد الحميد شومان، هو 'التعليم: أين أخفقنا؟ وأين نجحنا وإلى أين نتجه؟'، لأنّ عقليته مؤسسة على هذا النحو المنظّم.
لماذا نحتاج إلى هذا النمط من العقليات؟ لأنّنا – كما ذكرنا سابقاً- نمر أردنياً – بمرحلة انتقالية معقّدة، على الصعيد الداخلي اقتصادياً عبر تحوّل دور الدولة الاقتصادي، وسياسياً عبر إعادة تعريف قواعد اللعبة السياسية وترسيم حدودها من جديد، وثقافياً ومجتمعياً، كما هي الحال على صعيد الموقع جيو استراتيجي للأردن، الذي ينعكس بقوة على المعادلة الداخلية، فضلاً عن المنطقة حولنا التي تمور بالتحولات والتغييرات العاصفة.
مثل هذه البيئة الداخلية والخارجية تتطلب وجود وزراء ومسؤولين، بل فريق وزاري، ليسوا تنفيذيين فقط، بل لديهم رؤية ومشروع وتصوّر لما يتعاملون معه، وما يريدونه، لأنّ عقلية المياومة والتقطيع، والعمل التنفيذي فقط لا تكفي أبداً لمواجهة التحديات والتغييرات التي نتحدث عنها. ذلك ينطبق على التعليم، كما ينطبق على وزارة العمل وإعادة هيكلة سوق العمل، وعلى التعليم العالي والتخطيط والسياحة والأوقاف، وقبل ذلك الوزارات السياسية وإصلاح القطاع العام، والبلديات مع ولادة مشروع اللامركزية.
لذلك قلنا، سابقاً، بأنّ الأردن اليوم أحوج ما يكون إلى حكومة إصلاح وطني حقيقية، لأنّ المطلوب إصلاح على مستوى الوزارات والقطاعات على الصعيد الجزئي، وإصلاح على الصعيد الكليّ، أي الرؤية التي تنظم هذه المشروعات وتضعها في سياق متناغم متكامل، وتضعها أمام الشارع والرأي العام لتقول له بأنّنا نقف هنا، وهذه الأخطاء التي ارتكبناها، والميزات التي نمتلكها، وماذا نريد على المدى البعيد والقريب.
لا نريد وزراء ومسؤولين مسكونين بحالة الإحباط، أو الإيمان بعدم القدرة على الإصلاح، بل نريد من يملكون الرؤية والإرادة والعزيمة، من يؤمنون بإمكانية الإصلاح والتغيير، ويحلمون به، هذه النوعية، أو العقليات، هي الوحيدة القادرة على إحداث الفرق المطلوب، التي تحدث ثورة بيضاء، أو التي تؤثّر في ثقافة الناس وفي رؤيتهم للدولة وعلاقتهم بها، وهي النوعية القادرة على الاشتباك مع الرأي العام بشجاعة وبجرأة لنقول له: ماذا يجب أن يسمع؟ وما هو المطلوب للعبور إلى المستقبل.
عمر الرزاز يحمل حقيبة مهمة جداً، وهي التربية والتعليم، وهو يدرك تماماً أنّ المسألة ليست كبسة زر، بل طريق طويلة وشاقّة ومحطات مرهقة، وفي أحيان معقّدة، لكنّه يعرف ماذا يريد؟ يشارك رؤيته مع المواطنين؟ يعمل على تحقيق ذلك؟ يؤمن بإمكانية الإصلاح والتغيير؟ هذا تحديداً ما نريده أيها السادة الوزراء والمسؤولين، أي المسؤول الإصلاحي صاحب الرؤية والمشروع.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو