الخميس 2024-12-12 03:55 م
 

لهذا .. هذه العزلة «الإخوانية»!

01:18 م

مشكلة الإخوان المسلمين «إخواننا» أنهم خلافاً لما بقي مستمراً على مدى مسيرتهم الطويلة،التي كانوا خلالها حلفاء النظام الأردني في كل المراحل وكانوا أبداً ودائماً أبناءه المدللين، قد سلَّموا زمام أمورهم المفصلية والإستراتيجية منذ بدايات ما اعتُبر ربيعاً عربياً الى ذوي الرؤوس الحامية والى المراهقين سياسياً من شبانهم الصاعدين والى شيوخهم المتصابين والى نزعة المزايدات بين من يوصفون بأنهم تيار الحمائم ومن يوصفون بأنهم تيار الصقور وكانت النتيجة هي هذه النتيجة حيث وضعوا أنفسهم على أعلى غصن مرتفع في شجرة عالية وباتوا لا يستطيعون النزول من فوقه.

اضافة اعلان

ما كان على هذه «الجماعة»،التي من المفترض أنها بالغة وعاقلة وراشدة، أنْ تبني مواقفها على افتراضات إنْ هي ليست خاطئة فقد كانت غير دقيقة وأنْ تراهن على الإنتصار الذي حققته حركة «حماس» في آخر انتخابات تشريعية وعلى الإنقلاب الذي نفذته هذه الحركة في «القطاع» في عام 2007 ولقد كان عليها،أي جماعة الإخوان المسلمين، ألاّ تتبنى مراهنات خالد مشعل وحركة المقاومة الإسلامية على «فسطاط المقاومة والممانعة»،الذي اخترعته إيران إختراعاً لتبرير تدخلها السافر في شؤون المنطقة ومنها الشؤون الفلسطينية، فتقع في خطأ الحسابات الذي وقعت فيه وأنْ تُصاب بجنون العظمة وتبكِّر في رفع رايات «التغيير والإصلاح» بعد إطلاعها على التقارير «المشجعة» التي عاد بها بعض قادتها الصاعدين من زياراتهم «الإستطلاعية والودية والبريئة» من الولايات المتحدة الأميركية.

ثم وما كان أيضاً على هذه «الجماعة»،البالغة والراشدة والعاقلة، أن تصاب بعمى الألوان وبخطأ التقديرات وان تبادر الى الانسحاب،إنسحاباً غير منظم، من تحالفها الاستراتيجي مع النظام الأردني الذي بقي مستمراً منذ خمسينات القرن الماضي وحتى السنوات الأولى من تسعيناته وبعد ذلك بقليل وأن تنتقل من خندقها التاريخي الى خندق «الممانعة والمقاومة» وخندق نظام بشار الاسد وخندق إيران ثم بعد ذلك إلى خندق التحالف مع باقي ما تبقى من امتدادات الأنظمة التي كانت فيها كلها محكومة بالإعدام وأيضاً مع الذين انتقلوا عندنا هنا في الأردن من صف النظام الى صفوف المعارضة لأسباب وتطلعات شخصية معروفة.

وكذلك فقد كان على هذه «الجماعة»،التي من المفترض أنها أصبحت تشكل العمود الفقري للعمل السياسي في بلدنا بعد انهيار معادلات خمسينات وستينات وحتى بدايات تسعينات القرن الماضي، ألاّ تعميها نشوة الانتصارات التي حققها إخوتها وأبناء عمومتها في مصر وفي تونس.. والى حدٍّ ما في المغرب وأن تصبح تتصرف وفقاً لخطأ الحسابات الذي أوصلها الى ان تصبح معزولة على هذا النحو بعد ان وضعت نفسها على غصن مرتفع في شجرة عالية وباتت غير قادرة على النزول من فوقه إنْ بسبب المكابرة والمزايدة أو بسبب استمرار اختطاف قرارها من قبل المراهقين سياسياً الذين ليست لهم معرفة بالتاريخ وليس لهم قدرة لا على قراءة الحاضر ولا على استشفاف المستقبل!!
وهكذا فقد وجدت هذه «الجماعة» نفسها في هذه العزلة القاتلة التي من المفترض أن تجعلها تدرك أن كل قراءاتها لمدى استجابة الشعب الأردني لدعواتها لمقاطعة «التسجيل» للإنتخابات البرلمانية لم تكن صحيحة وأنها كانت مبنية على معرفة قاصرة لتوجهات الأردنيين عندما يجد الجد وعندما يصبح الإنحياز هو إما لهذا الوطن واستقراره والانتقال به خطوةٍ.. خطوة نحو الإصلاح المضمون وفي اتجاه المستقبل المنشود وإما للمغامرات والقفزات المدمرة والنزوات غير المحسوبة العواقب وللفوضى المرعبة التي تعيشها تونس وليبيا وحتى مصر التي نأمل أن تستقر أوضاعها بسرعة لأن عدم استقرار أوضاعها سيؤثر عليها كدولة رائدة كما سيؤثر على الوضع العربي كله.

وحقيقة،وهذا نقوله الى الإخوان المسلمين من باب الحرص على الأردن كدولة وكوطن وكشعب عظيم لا يستحق إلاّ الخير والاستقرار، أن ما يؤكد أن «جماعتهم» قد ارتكبت من الأخطاء ما يصل الى حدود الإنتحار السياسي أنها أصبحت بحاجة الى وسطاء خيرٍ،إما متبرعين أو مكلفين، بينها وبين الديوان الملكي وكل هذا بينما كانت كل طرقها مع بيت الأردنيين ومرجعيتهم الأولى والأخيرة سالكة وآمنة استمراراً لأوضاع خمسينات وستينات.. وحتى السنوات الأولى من تسعينات القرن الماضي وأيضاً الى ما قبل أن أدارت هذه الجماعة ظهرها لكل شيء واستبدلت تحالفها التاريخي برهانات غير مضمونة أولاً على «فسطاط الممانعة والمقاومة» ثم على ما جرى في دولٍ شقيقة تجاربها تختلف عن تجربتنا وظروفها تختلف عن ظروفنا وذلك رغم كل ما يربطها بنا وما يربطنا بها من أواصر الأخوة الصادقة ووشائج القومية العربية المتينة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة