الأحد 2025-03-02 08:57 م
 

مسدس ومنديل

10:29 ص

منذ أسبوع , وأنا أراقب ما يكتب , أجمل شيء أن يتحول الكاتب لقاريء حين يصبح القراء جميعهم (كتابا) , وفي قضية إبننا الطيار الرهينة لدى داعش معاذ ...عبر الشعب الأردني عبر (الفيس بوك) عن كل ما يجول في داخله من عواطف ومن حب لجيشه ...اضافة اعلان

دعوني أفسر الأمر بشكل اخر , زمان حين كان الضباط يعودون إلى منازلهم في الإجازات , يحملون على يمينهم ما كنا نسميه في القرى والأرياف (المسدس الضباطي) ....وأنا أتذكر مسدساتهم جيدا , هي من نوع (14 برشوت) ولها تصنيفات مثل :- إبو حلقه , أبو عداد ...إلخ .
وحين كان الضابط يجلس , يخلع مسدسه , وينادي على الزوجة , ويعطيها إياه كي تخبئه في صندوقها , خوفا من عبث الأولاد ...وأمهاتنا كن دوما يقمن بلف المسدس في المنديل الذي ترتديه , ومن ثم إخفاؤه عن العيون ...
والمنديل لدى الأم الأردنية , هو الغطاء الذي يستر الرأس ..ويستر جزءا من عورة الأنثى ....
وحين كان الضابط يعود , إلى كتيبته , بعد إنقضاء الإجازة , أخر شيء ينتظره هو قيام الزوجة بإحضار المسدس , من خزانتها , ومن ثم وضعه , في البيت الخاص به على يمين الخصر ...
العسكرية في دول العالم الثالث , هي حال رعب أحيانا , هي حالة خوف أو قلق في أحيان أخرى , وفي بعض المرات تكون عقابا ...وبعض الدول توظفها لنشر الخوف , لدينا العسكرية الأردنية مختلفة تماما , هي المنديل الذي يستر عورة الرأس وتلف به الزوجة مسدس زوجها ...والمسدس لا يسلم إلا للحبيبة لمنبع الغرام للتي تربي الأولاد وتحمي الدار , للحرة التي تفتح بابها للضيوف ..وتوقد نارها حين يطل عليها الناس .
الجاحدون , لم يفهموا بعد أن الجيش ليس مؤسسة فقط بل هو حالة الشرف الوطني التي تمثل نبض الأردني ووجوده والكبرياء الذي يحيط به ....الجاحدون لايعرفون سيرة ضباطنا ولا تاريخ التضيحات لدينا, لايعرفون أبدا كيف أن الجيش علم وربى وعالج ..وأطعم ...لم يفهموا .
الأردني حين يغضب وينتفض , لأجل الجيش فغضبه ليس عبثيا بل هو نابع من عمق الضمير والوجدان ...واستغرب أن يحول البعض القصة لمنحى سياسي واخر يحولها .. لرأي ومبادرة , وجماعة تصدربيانا ساذجا سخيفا يطالب من داعش بأن تعامل الأسير وفق شروط الإسلام ويقفز عن المطالبة بتحريره .
هؤلاء يقاتلون وجداننا وضميرنا , يقاتلون منديل الرأس , والغرام بين الزوجة وزوجها الضابط , يكرهون المسدس الضباطي ...ويغارون منه ...
الجيش هو الشرف الوطني , هو الجديلة التي يسترها منديل الرأس , هو الحب والسلاح الذي يسلم للعشيقة وحدها وتصونه مثل صونها لغرام زوجها الضابط .
إنهم بجحودهم , هذا إنما يكرهون أنفسهم ..ذاك أن الغرام لا يجابه ولايقاتل ولا ينتقد ...
ما بين مسدس الضابط العسكري المتسلسل في الرقم , وما بين منديل الزوجة الذي يستر جدائل غطاها الحناء والشرف ...يولد الغرام والقصائد ويولد وطن من الأهداب والسيوف ...وتلك العلاقة أفهمها ...ومن لم يفهمها لا يعرف الأردن.
على كل حال , الأردنيات اللواتي كتبن لمعاذ على ( الفيس بوك) وعلى صفحات الجرائد ...وعلى كل مكان يحتمل أن نكتب فيه , هن اللواتي أعدن لذاكرتي قصة المسدس الضباطي ...والجيش سيحمي جدائلهن وعيونهن ..على الأقل جيشنا يحمي الغرام في حين أن البعض يجيد إنتاج الكره ....

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة