الأصل أن تقوم الحكومة بمراجعة خياراتها حول طريقة معالجة عجز الموازنة، والتفكير بشكل أوسع خارج صندوق جيب المواطن، الذي كان طريقة التفكير الوحيدة عبر سنوات الأزمة الاقتصادية التي لا تنتهي، وأن تقوم بدراسة كل البدائل بعناية مشددة بعد ملامستها حجم الرفض المجتمعي لتوجهات الحكومة الاقتصادية.
المنطق أن مجسات الحكومة رصدت حجم التململ الشعبي لأي قرارات اقتصادية تمس المواطن، وقد ظهر ذاك عبر مسيرات عاودت الانطلاق من جديد، وعبر التحرك النيابي الذي تم التعبير عنه عبر تصريحات رفضت توجهات الحكومة الاقتصادية، وتململ مجتمعي عبرت عنه أحزاب ونقابات وجمعيات من خلال بيانات وتصريحات صحفية، ويمكن رصده عبر صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة.
الأمور ليست مخفية ولا تتم سرا، وبالتالي فإن من المؤكد أن الحكومة رصدت كل ذلك، والأصل أن تكون عاودت التفكير مجددا بطريقة معالجة الاختلالات الاقتصادية التي تتحدث عنها، والذهاب باتجاه حلول مختلفة عن كل الحلول التي تم اتباعها عبر سنوات سابقة، والتي كان أغلبها حلول ترقيعية، تعتمد على جيب المواطن، دون اجتراح حلول عميقة.
لو تتبعنا أعواما ماضية سنرصد أن جلّ تفكير الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية، كان يعتمد على خيار وحيد لمواجهة المشكلة الاقتصادية وهو رفع الأسعار، فرفعت أسعار المياه والكهرباء والخدمات والنقل، والمحروقات، والمواد الغذائية وغيرها، فيما راوحت الرواتب مكانها دون مس؛ تعديلا أو رفعا، وخلال تلك السنوات 'بُحّت' الحكومات وهي تطالب المواطنين بشد الحزام، والحق فإن المواطن تحمل وصبر، وشدّ الحزام على بطنه حتى اضطر لبيعه في نهاية المطاف أملا في الخروج من عنق الزجاجة.
إذا ماذا جرى؟ هل خرجنا من أزمتنا؟ هل ظهر ضوء انفراج اقتصادي في نهاية النفق؟ هل خفضنا المديونية، الجواب كلا!! فالأزمة مستمرة ومتصاعدة والمديونية تتوسع، ومشاكلنا الاقتصادية تتضاعف، والتضخم والبطالة في ارتفاع، والفقر في تصاعد، إذا أين المشكلة؟ ولماذا لم تستطع حكوماتنا التخفيف عن المواطنين؟ ولماذا ترتفع المديونية وتزداد مشاكلنا الاقتصادية رغم ما تحمله المواطن عبر سنين سابقة من متوالية ارتفاع الأسعار؟!!.
هو سؤال برسم إجابة الحكومات المتتالية، والحالية أيضا، إذ لم يعد مقنعا أن نطلب من المواطن الصبر أكثر دون أن تقوم الحكومة بتقديم تبريرات مقنعة لأسباب عدم القدرة على معالجة خلل الموازنة وعجزها، وسبب توسع المديونية وصولا لأرقام فلكية.
الحكومة عليها أن تقدم جردة حساب مقنعة شعبيا ومجتمعيا، عليها أن تبرر لنا سبب توسع الترهل الإداري، وعدم قدرتها على ملاحقة المتهربين ضريبيا قبل أن تقوم بالنظر لجيب المواطن، عليها أن تخبرنا عن سبب عدم مواصلتها التقشف في النفقات والسفر وغيرها من كماليات عير ضرورية فيما الموازنة تعاني، عليها أن تقول لنا لماذا نهلل ونطبل ونزمر لسيارات حكومية صديقة للبيئة (كهرباء) ويتم استعمالها لأوقات محدودة ثم تعود لطريقتها الأولى في استخدام سيارات فارهة وغيرها؟، عليها أن تقول لنا لماذا تتوسع الواسطة والمحسوبية والتي تعتبر أكبر أشكال الفساد الإداري دون أن تتحرك؟.
وقبل كل ذاك، فإن الحكومة التي تأتي لنا في نهاية كل عام بحلول ترقيعية غير ناجعة، عليها أن تقدم خطة اقتصادية متكاملة بالأرقام والسنوات (خطة عمل) تقول لنا في تلك الخطة طريقة المعالجة والفئات المستهدفة؟ وكيف سيتم تخفيض العجز؟ وكم عاما سيبقى المواطن واقعا تحت مطرقة ارتفاع الأسعار؟
بدون جردة حساب حكومية حقيقية وجادة، ومحاربة الفساد بشكل واقعي، وثورة بيضاء على كل ما من شأنه تعطيل الاستثمار، وإعادة النظر بكل أشكال الفساد الإداري والوظيفي، والخروج من عقلية الكعكة والذهاب لعقلية بناء الدولة، والتوجه أكثر نحو الزراعة والصناعة باعتبارهما أهم روافد الاقتصاد الوطني في حال التعامل معهما بشكل صحيح، بدون كل ذلك ستبقى حلولنا ترقيعية تجميلية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو