الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

استقلال الاستقلال..!



 
حين تقبع الشعوب تحت نير الاحتلال  بأي شكل من أشكاله، تتوالد الأفكار ثم التضحيات من أجل التخلص من هذا الاحتلال، وتنال تلك الشعوب استقلالها وحريتها، وتؤرخ لليوم الذي تتخلص فيه من براثن الاحتلال او الاستعمار.. هذا ما سجله تاريخ نضالات وثورات وتضحيات الشعوب الحية، وهذا ما تحاول تلك الدول وشعوبها إحياءه في أجيالها عند كل ذكرى ليوم الاستقلال، فهو ليس باليوم القليل في تاريخ ووجدان أي شعب يحترم بلده وتاريخه ويشعر بالانتماء إليه.اضافة اعلان


في سنوات سابقة، كنت ممن ينتقدون عدم إحياء هذه الذكرى بما يليق، وكنا نعيش احتفالات واستذكارات باهتة، لا تترك أثرا لدى أطفالنا وشبابنا، وأحيانا تكون محكومة بالوفرة المالية، لأن الفكرة النمطية عن الاحتفال بيوم الاستقلال مرتبطة بمهرجانات، وبإنفاق يكون باذخا ولا يراعي موازنات المؤسسات، ولعل تكريس فكرة الاحتفال الباذخ بيوم الاستقلال هي بحد ذاتها خطأ، حيث يمكن للشعوب أن تحتفل احتفالات بسيطة أو تخصص ذلك اليوم للإعلان عن افتتاح مشاريع أو انطلاق مبادرات، على كل الصعد لا سيما الرسمية منها، ولو اكتشفنا مثلا بعد عشرات او مئات السنين ان مدارسنا مثلا، تم افتتاحها جميعا في يوم الخامس والعشرين من أيار مع اختلاف الأعوام، لاستدللنا بذلك على قداسة هذا اليوم، بالنسبة لمن تناوبوا على إدارة الدولة ووزارة التربية والتعليم، وهذه طريقة أخرى من الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال، متحضرة ومعبرة عن ارتباطنا الفعلي بتاريخ بلدنا وبقرار بنائه وتطويره المستمر.

ثقافة الاحتفال بيوم الاستقلال ليست ترفا كما يعتقد بعضنا، الذين يقللون من أهمية هذا اليوم في حياة وهوية وارتباط الشعوب ببلدانها والانتماء إليها، والاستعداد دوما لفداء الأوطان بكل غال ونفيس حتى الأرواح.. فالأرواح لا ترخص حقا الا للدفاع عن الاوطان وحماية استقلالها واستقرارها.

من الأسباب التي يجب أن تجعلنا نتمسك أكثر بإبراز هذا اليوم الوطني الكبير، الأخطار المحدقة التي تهدد استقرار واستقلال الأردن وقراره، وهي كثيرة اليوم، وتكاد تكون هي الحدث اليومي، بينما يعتبر بعضنا إحياء ذكرى الاستقلال هراء وكفرا ونفاقا.. بينما ثمة دليل جديد في كل يوم، يؤكد لنا بأننا نقع في عين الاستهداف من قبل جهات كثيرة بين طامعة وحاقدة، هي مكمن الخطر والشر، ولو دققنا النظر والسمع سنجد بل سنشاهد وسنسمع كل أشكال العداء الصريح، الذي يتربص بنا ويحاول تخريب حياتنا وتهديد استقرارنا واستقلال قرارنا، ثمة الكثير من هذا يدور حولنا وداخل وخارج بلدنا، ويستهدف قيادتنا ومواردنا وأراضينا وحياة شبابنا وولائنا وانتمائنا لهذه الأرض، حتى هوائنا ومائنا ودمائنا مستباحة بالنسبة لكثيرين.. لهذا فإن إحياء ذكرى الاستقلال مناسبة وطنية تستدعي منا تحويلها لمنبر نتلو فيه بيان مواطنتنا، واستعدادنا الدائم لبذل كل شيء حماية لوطننا، ودوام سهرنا على بنائه وإعلائه.. من حقنا أن نجعله يطاول شعاع الشمس.

كل عام والملك والجيش والدولة والمواطن الأردني بكل خير.

عاش الأردن مستقلا حرا عزيزا.