الثلاثاء 19-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الأردن يتوجس من جنوب سورية مجددا



من المؤكد هنا ان الأردن ما يزال يتوجس من ملف جنوب سورية، فالمنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات، وبرغم مرور كل هذه السنين، إلا أن ملف جنوب سورية ما يزال ضاغطا.اضافة اعلان


الأردن اطلق عدة رسائل حول جنوب سورية، ولأن العلاقات الأردنية السورية، باردة، أو شبه متوقفة، اختار الأردن إطلاق هذه الرسائل عبر الروس، وكأنه يذهب إلى الطرف الضامن للسوريين في ملف العلاقات الأردنية السورية، أو الطرف الذي له تأثيره في الجانب الأمني تحديدا، خصوصا، بعد الأدوار القديمة التي ساعد بها الروس الأردن على صعيد تحديات مناطق الحدود الأردنية السورية، والمخاوف من الجماعات المسلحة، بما فيها تلك الجماعات المحسوبة على دمشق الرسمية، من حزب الله، الى أي جماعات عسكرية إيرانية، كانت تريد التموضع قرب الأردن في فترة من الفترات الصعبة والحساسة.

يقول وزير الخارجية الأردني قبل يومين، وخلال لقاء له في عمان مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية الذي زار الأردن مع وفد روسي من وزارتي الخارجية والدفاع ، إن الأردن اكتفى على صعيد استقبال الاشقاء السوريين حيث يوجد في الأردن أكثر من مليون وثلاثمائة ألف شقيق سوري، وانه لا بد من تهيئة الظروف للعودة الطوعية لهؤلاء الى بلادهم، مؤكدا بشكل فعلي رفض تورط الأردن في ملف مخيم الركبان القريب من الحدود الأردنية السورية حيث قال الوزير إن مخيم الركبان مسؤولية دولية سورية مشتركة وإن حل مشكلة المخيم تكمن في عودة قاطنيه إلى المناطق التي قدموا منها وان أي مساعدات إنسانية أو طبية يحتاجها المخيم يجب أن تأتي من الداخل السوري، وهو هنا يجدد رفض الأردن لمرور المساعدات عبر أراضيه، مع تحذيره من إعادة بناء الجماعات المسلحة لقدراتها في جنوب سورية، بما يؤثر على الأمن الأردني في كل الظروف.

تأكيدات الوزير ليست جديدة، لكنها تثبت عدة قضايا، أولا ان الحوار الأردني السوري، منقطع تماما، وان الرسائل الأردنية إلى السوريين تتم عبر قنوات بديلة، وخصوصا، القناة الروسية، إضافة الى الاعلام الذي يقوم بنشر التصريحات، مثلما ان هذه التصريحات تثبت ان الدور الروسي في سورية، مهم جدا للأردن، خصوصا، في ظل علاقة إيجابية بين عمان وموسكو، برغم ما يتردد حاليا عن برود مستجد في العلاقة الأردنية الروسية على مستوى رفيع هذه الأيام، كما ان هذه التصريحات تقول بشكل أو آخر ان الأردن لديه مخاوف من أن تدب الفوضى في سورية مجددا في مناطق الجنوب، وان تعيد الجماعات المسلحة بناء قدراتها، بما يهدد الأمن الأردني، خصوصا، ان عمليات تهريب السلاح، مثلا، أو المخدرات، متواصلة، إضافة الى العمليات التي شنتها هذه الجماعات ضد الأردن سابقا، تضع في الحسابات احتمال عودتها بشكل أو آخر، خصوصا، مع المعلومات التي تتحدث أن مخيم الركبان بؤرة للمقاتلين وعائلاتهم، وهي بؤرة ما تزال نشطة الى حد ما، إضافة الى مواقع ثانية في الجنوب.

لا يوجد تنسيق لوجستي بين الأردن وسورية، على مستوى الازمة القائمة في الجنوب فالعلاقات السياسية متوقفة تماما، والعلاقات الاقتصادية تتعرض يوميا إلى عراقيل ومشاكل، وهذا يفسر لجوء الأردن إلى قنوات بديلة، والواضح أيضا ان السوريين غير معنيين بكل هذه المخاوف، ولا حتى على مستوى تشجيع السوريين المقيمين في الأردن، على العودة، وكأن دمشق الرسمية تريد إعادة ترسيم الجغرافيا السكانية لديها بهذه الطريقة، عبر تحويل ملفات الاشقاء السوريين في جوار سورية الى ملفات محلية داخلية تتحملها كل دولة على حدة.

القضايا العالقة بين الأردن وسورية، بحاجة الى تواصل مباشر، دون أن تعترض واشنطن أو غيرها، خصوصا، انها قضايا تبدأ بالإرهاب، وتمر بأمن الحدود، وتصل الى ملف الاشقاء السوريين في الأردن، وإذا كانت دمشق تريد ثمنا كبيرا مقابل التفاهم على هذه الملفات، فان على الأردن أن يجد طريقة للتفاهم المباشر مع السوريين، بدلا من التفاهم معهم بالوكالة عبر عواصم إقليمية او دولية، مع تقديري هنا، لصعوبة هذا التصور، بسبب تداخلات كثيرة، تترك اثرا كبيرا على تحركات عمان من جهة، وتحركات دمشق من جهة ثانية.