الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الانتخابات خلفنا.. أزمة كورونا أمامنا



أربكت الانتخابات النيابية حسابات المؤسسة الرسمية لجهة احتواء أزمة كورونا المتفاقمة. الاستحقاق الدستوري فرض على السلطات التنازل مؤقتا عن الشروط الصحية وأوامر الدفاع المتعلقة بالتجمعات العامة والتواصل الاجتماعي خلافا لتعليمات التباعد التي تمثل حجر الأساس في حملة مواجهة الفيروس إلى جانب ارتداء الكمامة.اضافة اعلان

العملية الانتخابية انتهت مساء أمس واعتبارا من ساعات الليل الفائت، دخلت البلاد في إغلاق شبه كلي لمدة أربعة أيام، لقطع الطريق على احتفالات الفوز بالانتخابات من جهة، وتقليص النشاط العام في العموم أملا بخفض معدلات الإصابة من جهة أخرى.
اعتبارا من اليوم، ستعود أزمة كورونا لتصدر المشهد الرسمي والشعبي بعد فاصل انتخابي أشغل الجميع وكسر محاذير الاختلاط.

الأزمة مستفحلة ومعدلات الإصابة في ارتفاع. الأردن بات يحتل مكانة متقدمة على لائحة الدول التي تسجل زيادة كبيرة في أعداد المصابين.

إجراءات الحكومة نجحت لغاية الآن في الإحاطة بالأزمة وشروط إدارتها، لكن الجهاز الصحي لم يتمكن بعد من خفض معدلات الوفيات والإصابات. والأخبار على هذا الصعيد ليست مبشرة؛ إذ تفيد التقديرات الرسمية بارتفاع أكبر في الإصابات خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع دخولنا فصل الشتاء، وانتشار الانفلونزا الموسمية.
وفي العموم، من المتوقع أن نبقى في مرحلة الأزمة للأشهر الثلاثة المقبلة على أقل تقدير. الأمل باللقاح الأميركي الجديد يبعث حالة من التفاؤل، لكن من غير المرجح أبدا أن يوزع على نطاق واسع قبل بداية فصل الصيف المقبل.

بعد انقضاء الموسم الانتخابي، نعود من جديد لمربع الأزمة الثقيلة، وستنشغل مؤسسات الدولة في الأيام المقبلة، بتقليب سيناريوهات التعامل معها، وهي في وضع أفضل من السابق وبأقل مستوى من الضغوط التي فرضها الاستحقاق الدستوري.

هناك على طاولة الحكومات خيارات كثيرة تحوم كلها حول إغلاق واسع لأسبوعين أو أكثر للحد من انتشار الفيروس. خلية الأزمة والتخطيط في الحكومة والمركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، تعمل على تطوير سيناريو لحظر شامل يتجنب قدر المستطاع تكبيد القطاعات الاقتصادية الخسائر، ويضمن حصول المواطنين على السلع والخدمات الأساسية دون مشقة.
لكن، وعلى ما يبدو، فإن خيار الحظر لا بديل عنه، في حال استمرت معدلات الإصابة على حالها أو ارتفعت أكثر. القطاع الطبي سيبلغ طاقته القصوى نهاية الشهر الحالي ولن يعود باستطاعته توفير مزيد من الأسرة وغرف العناية الحثيثة، ولذلك ينبغي اللجوء إلى جميع الخيارات المتاحة لكبح أعداد الإصابات، وتخفيف الضغوط على المستشفيات، كي لا تصل مرحلة الانهيار وعدم القدرة على تقديم الخدمات، وبما يعنيه ذلك من زيادة في أعداد الوفيات.
قدرة الحكومة على إدارة الأزمة والخروج منها بأسرع وقت محل اختبار حاسم خلال الفترة القصيرة المقبلة؛ إذ لن يكون باستطاعتها كسب التأييد والدعم لسياساتها على هذا الصعيد ما لم تتمكن من السيطرة على تفشي الوباء وخفض أعداد الوفيات. بخلاف ذلك، فإن الاستمرار في المعدل الحالي يعني الدخول في مرحلة الكارثة الوطنية، بكل ما تعنيه من خسائر وإجراءات حاسمة.
وهنا ينبغي أن ننتبه إلى دخول شريك جديد في دائرة المتابعة والمساءلة، هو مجلس النواب الجديد، فاعتبارا من اليوم ستبدأ أصوات النواب الجدد تحظر في ساحة النقاش العام، وسيكون لها ما بعدها من تداعيات على مناقشات الثقة بالحكومة حال أن يبدأ المجلس التاسع عشر أعمال دورته الأولى غير العادية في الأسابيع القليلة المقبلة.
الحكومة في سباق مع الزمن وكورونا، وعليها أن تكون أسرع من الجميع.