الأربعاء 24-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الهجّاؤون العرب



لست من عشاق التنظير، وأعتقد أن الكتب المملة التي كتبت حول الضحك والكتابة الساخرة أكثر بكثير من الكتب المملة التي كتبت في مجالات أخرى. لكننا نسقط، حاليا، عربا وعروبة ومستعربين في مستنقع كبير من الحزن والقتل والإحباط وانهيار المشاريع القومية والوطنية.اضافة اعلان


من أجل كل هذا نهرب جميعا الى جدارنا الأخير وخط دفاعنا النهائي. نلجأ الى السخرية التي تنقذنا من الإحباط والجنون وانهيار الثقة بالذات. ان السخرية مانعة صواعق تمنحنا فرصة اخيرة في الحياة لنعيد تشكيل أنفسنا، افرادا ودولا وأمة.

نسخر من أنفسنا أولا، وهذه اول مرحلة من مراحل الإعتراف بالهزيمة، اذ دون ان ندرك بأننا انهزمنا لا يمكن أن نقاتل من اجل ان ننتصر مرة اخرى.

ونسخر من الظالم والفاسد والمحتل ثانيا، لأن السخرية هي السلاح الوحيد المتبقي معنا لنرفعه في وجه الرداءة، فنحرم هؤلاء من بهجة التمتع بالفوز علينا.

يقول غوته بأن لا شئ يدل على داخل الإنسان أكثر من الأشياء التي تضحكه، وقد ضحكت العرب منذ البدايات المكتوبة على الحمق والغفلة وقلة الذكاء، كما ضحكت على نوادر تتعلق بالجوع والطمع والبخل والقبح.. وكانت هذه طريقتهم في الإنتصار على هذا الممارسات المقيتة.

تاريخنا مكتظ بالأدب الساخر، ربما أكثر من جميع الشعوب الأخرى، لكن مشكلتنا تكمن في انغلاق النكتة العربية على الآخر سواء كان أوروبيا أو افريقيا أو غيرهم، سيما وأن نكاتنا تعتمد على اللغة وتنوعاتها في اكثرها، ناهيك عن اعتمادها على الإستشهادات التي لا يعرفها غير الناطقين بالعربية.

وكما أن سخريتنا لم ترتبط بالديمقراطية منذ بداياتها حتى ساعة اعداد هذا المقال، فهي أيضا لا تحتوي على ثقافة التسامح. الساخر عندنا يتحول إلى هجّاء.

هل يوجد حل؟؟ بالتأكيد، لكن هذا الحل لا يأتي بالوعظ والإرشاد، بل هو عملية نوعية استراتيجية لتبديل بعض القناعات الضارة التي ساهمت في ايصالنا الى ما نحن فيه من ضياع.

 




 

 


 

أخبار متعلقة