السبت 2024-12-14 06:15 م
 

حادثة “المقام” تطرح سؤال السياحة الدينية

04:10 م
لن تنتھي المشكلة بإغلاق المقام ”مقام النبي ھارون“، فبعد حین ستجد السلطات المختصة نفسھا مضطرة لاتخاذ قرار نھائي بھذا الخصوص. وربما تكون الحادثة الأخیرة التي أثارت جدلا واسعا، مناسبة لوضع تعریف دقیق لھویة المقامات والأضرحة في الأردن.اضافة اعلان


أنصح ھنا بالعودة إلى مقال الصدیق الدكتور باسم الطویسي في عدد یوم أمس من صحیفة ”الغد“ وعنوانھ ”مقامات الأنبیاء وتسییس الدین الشعبي“ لما یمثل من أرضیة فكریة یمكن البناء علیھا لإنجاز مسودة سیاسة لھذا الغرض.

ثمة التباس كبیر لدینا في تحدید المفاھیم المتصلة بھذا الركن التاریخي، فبینما نشدد على إدراج المقامات والأضرحة تحت باب السیاحة الدینیة، إلا أننا نرتبك في تعریف حق أصحاب الدیانات والمذاھب والفرق بممارسة طقوسھم الدینیة في تلك المواقع، ولنا في أضرحة الصحابة الكرام في المزار الجنوبي خیر مثال. وقد واجھنا نفس السؤال فیما یخص المواقع التي یزعم الیھود أن لھا صلة بتاریخھم الدیني في المنطقة.

المسألة باعتقادي تتصل بالموروث الدیني والشعبي وبالسیاسة أیضا، بدلیل أن الأردنیین لا یعترضون أبدا على قدوم الحجاج المسیحیین من الخارج لأداء طقوسھم الدینیة في موقع مغطس السید المسیح، لكون المسیحیین جزءا أصیلا من النسیج الاجتماعي الأردني والعربي.

النفور العام من مشاھد التعبد الیھودیة یعود في أصلھ إلى الموقف العام من إسرائیل كدولة احتلال وعدو تاریخي في نظر الأغلبیة الساحقة من الشعوب العربیة. والقلق الأردني العمیق من أطماع صھیونیة تاریخیة بمناطق في بلادنا، خاصة جنوب المملكة.

وبفعل عوامل سیاسیة ومذھبیة مغایرة نشأ قلق أیضا من أي مظاھر دینیة عند مقامات الصحابة في المزار الجنوبي.

عملیا السیاحة ببعدھا الدیني في الأردن تقتصر على المسیحیین حول العالم، وبخلاف ذلك یدخل في قائمة المحظورات.

علینا إذا أن نضع تعریفا جدیدا لمواقع السیاحة التاریخیة في الأردن، وقواعد واضحة تحكم حركة الأفواج السیاحیة.

ما فھمتھ من تصریحات المسؤولین بأن زیارات المجموعات الیھودیة المتدینة لمقام النبي ھارون وغیره من المواقع قائمة منذ مدة طویلة، مع ملاحظة أن السلطات الرسمیة لم توفر الظروف الملائمة لوصول تلك المجموعات للمنطقة الوعرة التي یوجد فیھا المقام، وظل الوصول إلیھا مشقة تتطلب السیر على الأقدام والاستعانة بالدواب.

لكن بسبب غیاب المعاییر الواضحة، وعدم اكتراث الحراس بسلوك الزوار، تحول المقام إلى موقع لإقامة الصلوات الیھودیة. بما أن القرار الرسمي والتوجھ الشعبي ھو عدم السماح بمثل تلك الطقوس، ینبغي إعادة تعریف ھذه المواقع كأماكن تاریخیة وأثریة یحق لمن یرغب بزیارتھا دون أن یسمح لأحد بممارسة أي طقوس دینیة فیھا، لأنھا ببساطة لیست أماكن عبادة، ولیس مصرحا إقامة تقالید دینیة فیھا من أي نوع.

لا أمیل لتبني السیاق الدیني في التعامل مع التحدیات، لكننا في الشرق الأوسط نغرق بصراع الھویات ولن نغادره في وقت قریب، ولا سبیل للصمود سوى المحافظة على ھویتنا.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة