الأحد 28-04-2024
الوكيل الاخباري
 

سلاح الطاقة في الأزمة الأوكرانية



تبدت الطاقة كسلاح مهم بيد الدول في الازمة الاوكرانية التي باتت كونية. الدول المصدرة للطاقة لاسيما روسيا تحاول توظيف هذه الاداة لتسجيل مكاسب سياسية. الدول المستوردة للطاقة والمعتمدة عليها من الخارج تحاول تحييد هذا الخيار وتقليل حجم آثاره. واضح ان الجميع متضرر من استخدام الطاقة كسلاح، ليس فقط لجهة ارتفاع الاسعار وموجة التضخم العالمية التي تسبب بها اضطراب سوق الطاقة العالمي، ولكن ايضا لأن ارتفاع اسعار الطاقة يزيد كلف الانتاج ويقلل الطلب على السلع والخدمات، وهذا بدوره سيؤدي لتباطؤ النمو العالمي، ما سيعود بالضرر على الجميع، بما فيها الدول المصدرة للطاقة، حيث سيقل الطلب على الطاقة وبالتالي تقل الاسعار من جديد.اضافة اعلان


تاريخيا كانت الدول المصدرة للطاقة من بترول وغاز صاحبة مصلحة باستقرار الاسعار، وهي للنفط بحدود 70 دولارا للبرميل، لأن من شأن ذلك ان يقلل اقدامية العالم على ايجاد مصادر طاقة بديلة تحيّد النفط والغاز. العالم تغير بالفعل وينوع مصادر اعتماده على الطاقة، ولو ان الأزمة الحالية حدثت دون تنوع مصادر الطاقة، لشهدنا ما شهدناه في العالم إبان ازمة الطاقة العام 1973 يوما استخدمت السعودية سلاح النفط وذاك أدى لهزة عالمية في الأسواق وعلى مستوى الافراد. الآن هناك هزة ولكنها مسيطر عليها وليست عميقة كما كان في العام 1973.

موقف دول الخليج ملفت جدا في ازمة الطاقة الحالية العالمية بسبب الاجتياح الروسي لأوكرانيا، ووقف اميركا استيراد الطاقة الروسية، ووقف اوروبا مشروع انبوب الطاقة مع روسيا، وطلب روسيا الدفع بالروبل بدل الدولار للغاز الروسي. دول الخليج لم تقبل ان تزيد الانتاج للدفع باتجاه استقرار اسعار النفط والغاز العالمية، والتزمت بالكميات المتفق عليها ضمن الدول المصدرة للنفط والغاز، وواضح انها اعتبرت زيادة الانتاج اصطفافا مع طرف دون آخر بالنزاع الدائر.

هنا يبرز بوضوح فتور العلاقة الاميركية الخليجية التي سببها بالتحديد ايران وطريقة مواجهتها، بالإضافة لأزمات الاقليم الاخرى كاليمن، فالخليج متأثر ومتضرر من اعادة التموضع الاميركي نحو آسيا انسحابا من الشرق الاوسط، واستراتيجية القيادة من الخلف التي تعتمدها اميركا منذ عهد اوباما، وقد بدأت دول الخليج حتى قبل الازمة الاوكرانية بالتقارب مع الصين وروسيا كبدائل لأميركا في تزويد السلاح والمساهمة في معادلات الردع. الأزمة الحالية فرصة من زاوية الواقعية السياسية لدول الخليج لكي تدفع باتجاه مصالحها التي لا تتطابق معها اميركا في ملفي ايران واليمن.

هكذا هي العلاقات الدولية، تقوم على المصالح والمصالح فقط، واي صداقة لا تترجم لمصالح حقيقية على الارض لا اعتبار لها في اتخاذ القرار. لا يمكن لأميركا الآن ان تستثمر بالصداقة مع الخليج تحت راية الصداقة فقط، في ظل غياب التنسيق المصلحي بالملفين الايراني واليمني على الاقل. ملفت ايضا اقتراب الموقف الاسرائيلي من ذلك الخليجي حيث تتطابق المواقف حول ايران. تفاهمات مصلحية هي التي سوف تحدد درجة تقارب المواقف الخليجية مع اميركا، وهذا ممكن وغير مستبعد يمكن ان يبني على عقود من التحالف.