السبت 2024-12-14 07:52 م
 

شركات خارج الحدود “الأوف شور”

02:40 م

دائما ما يتردد بين الفترة والأخرى الحديث عن شركات خارج الحدود، أو ما يعرف بشركات “الأوف شور”، ويتم تصويرها على أنها شكل مخالف للقانون، ووسيلة من وسائل الاحتيال والنصب التي تمارس في مجتمعات الأعمال.

اضافة اعلان


لكن قبل الحديث عن حقيقتها وقانونيتها في مزاولة الأعمال لا بد لنا من توضيح مجموعة من النقاط العلمية والعملية عن تلك الشركات.


بداية علينا أن نعرف ما هي تلك الشركات وما المقصود بها؟


شركات خارج الحدود أو شركات “الأوف شور” هي الشركات التي تسجل في دولة ما دون أن يكون لها الحق بممارسة أعمالها داخل تلك الدولة؛ بمعنى آخر هي شركات تُسجل في بلد ما وتمارس أعمالها خارج ذلك البلد؛ ومن هنا جاءت التسمية بأنها شركات تعمل “خارج الحدود” وما يعرف أيضا بشركات الأعمال الدوليّة.


هذه الشركات منتشرة في كل دول العالم تقريبا خاصة الأوروبية منها، لأن قوانينها تسمح بتسجيل هذا النوع من الشركات، ويعتبرونه شكلا من أشكال توطين الاستثمارات لديهم، فمعظم دول العالم لديها مفهوم شركات الأوف شور في تشريعاتها الداخلية، حتى قانون الشركات الأردنيّ المعمول يسمح بتسجيل “الشركة المعفاة” وهي شركة تُسجل في الأردن وتمارس أعمالها خارج الأردن حصراً.


فهذه الشركات ليست محصورة “بجزر نائية” كما يعتقد البعض، بل هي موجودة في معظم دول العالم وهناك يستبقون على تسجيلها كما هو الحال في هونغ كونغ وماليزيا، على سبيل المثال لا الحصر، واللتين تعتبران من أكثر الدول تسجيلاً لشركات الأوف شور.


للعلم غالبية الشركات الاستثماريّة الأجنبية التي قدمت للمملكة منذ سنوات عديدة في مختلف القطاعات وتحديدا المستثمرة في قطاع الطاقة مسجلة في الخارج تحت بند شركات الأوف شور.


وتتسابق الدول في العالم على تسجيل شركات الأوف شور وذلك لأنها شكل من أشكال التسابق في جذب الاستثمارات الخارجية من خلال ما تتمتع به من تسهيلات وحوافز استثماريّة تقدم لهم بموجب قوانين واضحة ومقرة من سلطات تلك الدول التي توفر إمكانية تسجيل شركات الأوف شور وتقوم بمنح مزايا ضريبيّة وإعفاءات لمثل هذه الشركات لما في ذلك من فوائد مباشرة وغير مباشرة تعود على تلك الدولة (ومن هنا جاءت تسمية “الجنات/ الملاذات الضريبية”)؛ مثل الاستفادة من رسوم تسجيل هذه الشركات وتحريك القطاعات المهنية المعنية مثل المحامين والمحاسبين وشركات التأمين والبريد وغيرها من القطاعات التي تستفيد من تسجيل شركات الأوف شور.


شركات الأوف شور تستخدم بالأساس لغايات “التخطيط الضريبي” و “هيكلة الشركات” وليس لغايات “التهرب الضريبي” و”إخفاء المعلومات” كما يشاع دوماً، فالتهرب الضريبي وإخفاء المعلومات ظواهر موجودة وتحصل دائماً في جميع دول العالم سواء من قبل الأفراد والشركات بكل أنواعها.


إن الشركات التي تسجل نفسها كشركات “أوف شور” هي تلك الشركات التي تعمل في عدة دول وتكون متعددة الجنسيات مما يُخضعها لعدة أنظمة ضريبيّة وقانونية متقاطعة في أماكن تواجدها حول العالم.


وبالتالي، ولغايات التخطيط الضريبي وهيكلة جسم الشركة قانونياً يتم تسجيلها كشركة أوف شور للاستفادة من المزايا الضريبية الممنوحة لهذه الشركات وتوحيد النظام الضريبي والقانوني الذي تخضع له نتيجة أعمالها ونشاطاتها في مختلف الدول.


بعض الدول التي توفر إمكانية تسجيل الشركات الأوف شور تعطيها خصوصية وسرية معينة من حيث أسماء المالكين والشركاء فيها وبياناتها المالية؛ لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال بعدم وجود أنظمة مراقبة وسياسات صارمة للتعرف على العملاء والمستفيدين الحقيقيين ومكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وغيرها.


بالنهاية، إن شركات الأوف شور هي شركات قانونية مثلها مثل أي نوع آخر من الشركات، ولا يوجد ما يبرر الهجمات الإعلامية غير المبررة عليها والناتجة عن مبالغات صحفية وشعبوية هدفها تزييف الحقائق.


هناك شركات عالمية تقدم خدمات وسلعا نستخدمها كل يوم، مسجلة كشركات أوف شور ومنها على سبيل المثال Apple وGoogle وتعتبر من أكثر الشركات التزاماً واحتراماً للقانون، ورغم كل ما سبق، لا شك أن هناك من يستخدم شركات الأوف شور لغايات غير مشروعة، لكن هذا ينطبق على جميع أنواع الشركات الأخرى أيضاً أينما وجدت، ولا ينحصر بنوع دون الآخر.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة