الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

ملف المدارس الخاصة: عدالة غائبة!



غيرُ مفهوم أبدًا السلبية التي تسيطر على الحكومة في تعاطيها مع ملف المدارس الخاصة، رغم النداءات العديدة التي أطلقها أهالي الطلبة والمعلمون، والذين باتوا ضحية خذلان يعكس مدى ضعف الحكومة في مواجهة تغوّل أصحاب هذه المدارس على المواطنين.اضافة اعلان


منذ بدء أزمة كورونا وتحوّل الدراسة من المدارس إلى المنازل وفق مفهوم التعليم عن بعد، وما سجّل عليه من ملاحظات سلبية كثيرة، كانت النداءاتُ التي يطلقها المواطنون متواصلةً من أجل دفعِ الحكومة إلى إجبار المدارس الخاصة على خصم مبالغ مالية لذوي الطلبة، بنسب محددة تُرحّل إلى العام المقبل، كتعويض عن عدم قيام هذه المدارس بواجبها تجاه تدريس أبنائهم، إلا أن الدولة لم تفعل شيئا، ووقفت عاجزة عن التفكير بالموضوع والتعاطي معه، أو إيجاد مخرج مثالي يُرضي جميع الأطراف.

منذ منتصف شهر آذار الماضي تكادُ تكلفة التشغيل في المدارس أن تكون صفرا، فلا استهلاك للماء، ولا للكهرباء، ولا للأحبار أو الأوراق، ولا وسائل نقل، كما أن المعلمين في عدد كبير من المدارس لم يحصلوا على رواتب كاملة. كل ذلك مَدعاةٌ لأن يكون دافعا للحكومة لأن تجبر هذه المدارس على تحديد نسبة خصم من الرسوم السنوية التي تتقاضاها من الناس، وغير ذلك فمن حقّنا أن نعتقدَ أن ثمة تواطؤا حكوميًا غير مفهوم الأسباب والمبررات. أو أنّ الحكومة ضعيفة جدا أمام هذا التغوّل، وفي كلتا الحالتين الأمر غير مستساغ بتاتا.

انتهى العام الدراسي، ولا شكّ أن آلاف الشيكات التي أودعها المواطنون في المدارس ستردّها البنوك لعدم وجود رصيد يغطيها جرّاء توقف عجلة الإنتاج للدولة منذ نحو أربعة أشهر، ما يعني أزمة مُرتقبة بين الأهالي والمدارس سيكون ضحيتها الطلبة، إذ ستلجأ الأخيرة لعدم تجديد تسجيل هؤلاء في المدرسة إلى حين تسديد جميع الذمم المالية المترتبة على أولياء الأمور، وهذا لن يكون في أغلب الأحيان، وبالتالي سيكون القضاء هو الفيصل في هذه الحالة، ولنا أن نتخيل حجم القضايا التي ستُسجل ضد الأهالي في المرحلة المقبلة، وإلى أين ستؤول الأمور.

غالبية المدارس الخاصة لم تتحكم فقط بذوي الطلبة، بل بكوادرها التعليمية، فبعد أن أجبرتهم على العمل عن بعد دون أن تمنحهم جميع حقوقهم، لجأت إلى عدم تجديد عقودهم السنوية تحت ذريعة عدم معرفتها بأن العام المقبل سيشهد عودة طلبة إلى المدارس أم ستكون عملية التعليم عن بعد.

بل إن بعض المدارس، وعددها كبير، أنهت عقود المعلمين من ذوي الرواتب العالية وأبقت على أصحاب الرواتب المتدنية دون أن تنظر إلى عوامل الخبرة، وجودة العمل وحق الطالب في الحصول على أفضل تعليم على يد معلمين مدربين وقادرين على منحهم معرفة قائمة على التحليل والتفسير والاستنتاج لا التلقين.

المدارس الخاصة، وفي معظمها حققت تكلفتها التشغيلية للعام الدراسي كاملا قبل أن يبدأ، وذلك من خلال الرسوم وبيع الكتب والزي المدرسي، والنشاطات اللامنهجية التي تحوّلت إلى تجارة، وغيرها من الأبواب التي تبدع وتتفنن في الحصول على أموال من خلالها، وهذا من حقّها فهي مؤسسات ربحية أولا وأخيرا، لكن الذي ليس من حقها أن تتباكى الآن وكأنّها هي الضحية الوحيدة لمؤامرة كونية.

على الحكومة أن تتكرّم وتعطي بعضا من وقتها لهذا الملف، وأن تلتفتَ لأوضاع آلاف الأُسر الأردنية ممن أبناؤهم يلتحقون بهذه المدارس، لأنها ستدفع ثمنا باهضا عندما يلجأ الأردنيون إلى نقل أولادهم من المدارس الخاصة إلى الحكومية، وهذا الأمر يرتّب على وزارة التربية ملايين الدنانير لا تقوى خزينة الدولة على توفيرها، إذ ستحتاج إلى بنية تحتية ضخمة، وكوادرَ تعليميةٍ إضافيةٍ في وقت تسعى فيه الدولة إلى هيكلة القطاع العام من أجل ترشيد الإنفاق. الوقت ما يزال مبكرًا لتجاوز هذه الأزمة.