الأربعاء 2024-12-11 11:42 م
 

ننفق كدولة عظمى ونستدين كفقيرة

04:03 م
لا تجد في حياتك أغرب من العالم العربي، دول فقيرة وتعيش على الديون والمساعدات، لكنها تمتلك جيوشا من الموظفين، تم تعيين أغلبهم بالواسطة، لا يفعلون شيئا، سوى انتظار التقاعد، والتأمل في وجوه المواطنين، وقدح كل من يرونه يقف ضد قيلولتهم.اضافة اعلان


هذا هو الواقع، وإلا كيف نفسر أن دولا عظمى لا تمتلك كل هذه الوزارات والهيئات والمؤسسات، وكل هذه الأعداد من الموظفين، وهي دول عظمى بما تعنيه الكلمة، من حيث الثراء، والإمكانات، والتأثير في العالم، لكن الذين يقودونها فهموا منذ اليوم الأول، ان وظيفة الدولة هي حماية القطاع الخاص، من اجل تشغيل الناس ، لكننا في الشرق الأوسط نعتبر الحكومات جهاز التشغيل الأول، حتى في ظل رواتب قليلة جدا.

في الأردن، جهات دولية كثيرة، اعترضت على مخصصات الرواتب في الأردن، والرواتب التقاعدية، وضغطت من اجل إعادة الهيكلة، لكن الدولة غير قادرة على اتخاذ هذه الخطوة، خوفا من ردة فعل الناس، إذ لا يعقل ان تتخلص من آلاف الموظفين العاملين او الكسالى، في يوم وليلة، ولو كانت لديها جرأة لتخلصت من مائة ألف موظف، وفقا لمعلومات مؤكدة، من اجل ترشيق الجهاز الحكومي، الذي يصل عدد العاملين فيه إلى ربع مليون شخص تقريبا، يعيشون على رواتب عادية جدا.

الازمة في الأردن، تتعلق فعليا بعدة امور، أولها ان الحكومات لا وظائف جديدة لديها، وثانيها ان القطاع الخاص تم ارهاقه وغير قادر على تشغيل الناس، او فتح فرص عمل جديدة، كما ان مشكلة التقاعدات التي ترهق الميزانية امتدت اليوم إلى ميزانية الضمان الاجتماعي، بحيث تم نقل المشكلة من الحكومة إلى الضمان، إضافة إلى الاغلاقات في سوق العمل العربي والاجنبي، حيث تقل الفرص وتتراجع بشكل كبير، وتزايد اعداد الخريجين كل عام بشكل مذهل.

إذا عدنا إلى أعداد الموظفين في الجهاز الحكومي، فسوف نكتشف ان كثرة تعينت في عقود سابقة، بأوامر من وزراء ونافذين، ويفتخر وزراء سابقون انهم عينوا المئات من أقاربهم هنا او هناك، وكان كل مسؤول يتم تعيينه في موقع جديد يحتفي به اقاربه أولا، باعتباره طوق النجاة الذي قد يتمكن من تدبير مئات الوظائف ،او أقل.

حسنا. الازمة اليوم باتت كبرى، كل هذه التعيينات نرى نتائجها في الجهاز الحكومي، وعليك ان تذهب إلى أي مؤسسة حكومية لترى عدد الغائبين عن الدوام، وعدد الغاضبين على كراسيهم بسبب رواتبهم المتدنية، وآيات الفقر الظاهرة على لباس ووجه الموظف الحكومي جراء كثرة الالتزامات، فوق حالة الترهل في مؤسسات كثيرة، خصوصا في البلديات التي تشتهر بقبض كثيرين لرواتبهم دون دوام، من جانب أناس، يشبعونك كلاما عن الفساد الأكبر في الأردن، لكن يعتبرون قبض الرواتب دون دوام، حلالا عليهم.

لو كانت هناك سيولة مالية لدى الدولة، لكان واجبا إلغاء وزارات كثيرة، واستبدالها بهيئات رشيقة، فأنت لا تعرف لماذا هناك وزارة للشباب، او للنقل، او غير ذلك من وزارات يعد وجودها بمثابة أعطيات على مستوى وجود وزير، او على مستوى الموظفين، لكن الوقت قد فات اليوم، من اجل إعادة هيكلة كل الحكومة، من حيث عدد الوزارات، وعدد الكادر الحكومي، وطبيعة التوصيف الوظيفي لهذه الأعداد التي لا يفعل أغلبها شيئا مفيدا؟

هذه المصيبة التي تواجهنا نتيجة التصرف بشؤون الدولة، سابقا، باعتبارها مجرد دكانة لكثيرين، استفردوا فيها، حتى وصلت هذا الوضع، والكارثة ان الفاتورة اليوم، تتنزل على كل المواطنين، بمن فيهم أولئك الذين اضاعوا عمرهم ولم يحصلوا على وظيفة، وأولئك الذين يعانون من سوء معاملة الموظف الحكومي، برغم كل البؤس الذي يغشاه.

مناسبة هذا الكلام، اننا بحاجة لاحقا إلى مشروع، من اجل تقليل عدد الوزارات، وعدد الوزراء، وتحويل وزارات إلى هيئات رشيقة صغيرة، والبحث عن حلول لهذه المشكلة في بلد تصرف في أمواله سابقا وكأنه دولة عظمى، وها هو اليوم، يحتاج ملياري دينار رواتب سنوية، ويغرق وسط مئات آلاف الموظفين، الذين يتسمون بعدم الرضى، فوق ان كثيرا منهم لا يفعل شيئا، وغيابه لا يضر، فيما الارتداد السياسي يرتبط بعدد الوزراء، والوزارات، وهو امر لا تراه في كل العالم المتطور، ابدا.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة