السبت 2024-12-14 10:47 ص
 

أبو زميرة ..

11:50 ص

في كل صباح وحين اذهب للعمل , وعلى إشارة (رأس العين), يصادفني شاب إسمه (محمود) يقوم ببيع (الزميرات) ...يقف بجانب شباك السيارة ثم يطلق (زميرته) وينظر إلي قائلا :- (خمسة وسبعين قرش ..تشتري ...إلك بنص ..مشان الله خذلك وحده) ...اضافة اعلان

للآن ومنذ اشهر وأنا في كل يوم اصادف محمود , وقد إشتريت منه ما يقارب السبع (زميرات).. ومحمود (أخذ علي) فهو يتجاوز عملية البيع أحيانا , ويطلب سيجارة ..وأحيانا ولعة ...وذات مرة قام بتحميل (زميراته) في سيارتي وقال لي :- أنه يريد النزول عند أبو موسى .
أنا اراقبه منذ زمن , وهو يزمر على الإشارة ..ويتصيد الزبائن بطريقة غريبة , فهو حين يلتقط سيدة يذهب إليها بمهل , ثم يطرق شباك سيارتها , وبعد ذلك يزمر ..ومباشرة يرمي (الزميرة) في أحضانها ويخبرها بأنها هدية منه للولد ولا يريد مالا ..و( ع حسابوا) ..ثم يؤكد أنه حين شاهد وجهها شعر بالتفاؤل ..السيدات يقعن في فخ عملية البراءة المصطنعة لمحمود وبسرعة فائقة يقمن بإخراج دينار وإعطائه لأبو حميد ...هو يرفض ويخبرها (انها من نفسوا طالعة) ولكن في داخله يكذب ..
ذات مرة تعرض محمود لصفعات مدوية ...فقد أراد أن يقوم ببيع رجل يحمل أطفاله معه في السيارة , ووقف بجانب الشباك وأطلق (زميرته) ....الرجل من صوت (زميرة) محمود ارتعب يبدو أنه شعر باندفاع (قلاب) اتجاهه ...وحين لاحظ الأمر نزل من سيارته مثل المجنون ثم بدأ بصفع محمود , وأنا تدخلت على الفور وتدخل معي سائق سرفيس شهم وقمنا (بفك النشب) ..عاتبت يومها محمود وقلت له :- (يعني غير اتزمر فوق راسو) ...
وظيفة محمود تتلخص في أنه يقوم (بالتزمير ) فقط ..وحين تندلع المسيرات وتجتمع (الحراكات) في تلك المنطقة وبالتحديد ايام الجمع لا أحد يعير محمود إهتماما هو الوحيد الذي يتنقل بين سيارات الشرطة والإشارات الضوئية ..ويستغل وجود الناس في المسيرة ويقوم ببيع (الزميرات) وأحيانا يقوم ببيع الأعلام .
أنا لا أكتب قصة من وحي الخيال أبدا هي واقعية وحقيقية ... منذ أسبوع وأنا أفتقد حموده ..سألت عنه بعض من صبية (رأس العين) وسألت عنه بياع (السمسية) ..الذي يأتي في المساء ..وبعض من عمال النظافة الذين تأتي نوبتهم بالتزامن مع وقوف محمود على الإشارة ....
تبين لي بعد السؤال والتحقيقات أن محمود وأثناء قيامه ببيع (الزميرات) على الإشارة ونتيجة لقيامه (بالتزمير) بلع (الزميرة بالخطأ) بالعامية نقول :- ( اتشردق بالزميرة) ..وتم نقله على عجل إلى مستشفى قريب وأخبروني ...أنه بلعها ونزلت المعدة ولكن (ابو شادي) عامل النظافة أخبرني بأنها علقت في الحلق وتم إخراجها ....
المهم أن (محمود) نجا بعون الله ...وهذا الصباح لحظة كتابتي هذا المقال وجدت محمود على الإشارة ...كانت فرحتي غامرة جدا فقد أوقفت السيارة على اليمين ومباشرة انطلقت نحوه , فوجئت بأنه تحول من بيع (الزميرات) للأكياس, وحين سألته قال لي :- (بطلت أتوفي معي يا ابو الشباب )....قلت له :- (بطلت اتوفي ولا بلعت الزميرة) ...بعد ذلك إعترف بالأمر وأخبرني بأن احدهم أعطاه (فستقا) على الإشارة وأثناء مضغة ..نسي وجود الزميرة في فمه فقام ببلعها ...
المهم صديقي محمود عاد للإشارة , وعدت إلى لقائه كل صباح ....فالإشارات الضوئية في بلادنا تصنع هي الأخرى اصدقاء وتصنع عتبات للرزق والحياة ...
يستحق صديقي محمود مقالا ....ويستحق نصيحتي له , فقد أخبرته بأن من (يزمر) كثيرا في الحياة قد يتعرض للخطر ...
صديقي العزيز محمود أنا لست بأفضل حال منك , أنا الاخر (ياما) زمرت ..


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة