الوكيل - كشف تقرير الاستقرار المالي لعام 2012 عن ان السياسة المالية المصاحبة للسياسة النقدية المنضبطة ساعدت في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والنقدي وحققت معدلات نمو موجبة ومستوى احتياطيات مرتفعا واستقرارا في مستويات الأسعار.
ويلقي التقرير الذي اصدرته وزارة المالية اليوم السبت الضوء على التطورات التي يشهدها القطاع المصرفي والمالي في الأردن، والجهود المبذولة لمواصلة الارتقاء به، فضلاً عن تقييم ادائه والوقوف على المخاطر التي قد تواجهه.
وبين التقرير ان الاستقرار المالي نتج عن تبني سياسة رقابية وتشريعية حصيفة على النظام المصرفي، بالإضافة إلى اتسام هذا النظام بالتحفظ، واحتفاظه بمستويات مرتفعة من رأس المال ومستويات مقبولة من السيولة وانخفاض تعرضه للسندات السيادية الأوروبية والأدوات الاستثمارية عالية المخاطر.
وبين التقرير ان هذا النجاح تحقق على الرغم من تعرض الأردن لصدمات حادة منذ خمس سنوات شملت الأزمة المالية العالمية، والربيع العربي وما رافقه من انقطاع الغاز المصري والصراع في سورية والتدفق الكبير للاجئين السوريين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية والنقص في المنح والمساعدات.
وبين محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز في تقديمه للتقرير أن الاردن يتمتع بجهاز مصرفي سليم ومتين قادر بشكل عام على تحمل الصدمات والمخاطر المرتفعة نتيجة تمتع البنوك بمستويات مرتفعة من رأس المال هي الأعلى في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة الى تمتعها بمستويات مريحة من السيولة. ويأتي إصدار تقرير الاستقرار المالي لعام 2012 كأول تقرير بعد أن تم تأسيس دائرة الاستقرار المالي في البنك المركزي في بداية عام 2013.
شهد العالم تحسناً في الظروف المالية وحقق استقراراً مالياً غير مستدام منذ شهر تشرين الأول 2012، ونتج هذا التحسن عن تبني سياسات نقدية غير تقليدية وسياسات مالية متشددة (التقشف الحكومي)، الأمر الذي جعل من آفاق نمو الناتج محدودة جداً وأدى إلى حدوث تعاف ثلاثي الأبعاد (ثلاثي السرعة) كما أسماه صندوق النقد الدولي. إلا أن هناك اقتصاديين آخرين يرون أن الاقتصادات الناشئة قد تعاني بعد فترة من تراجع النمو الاقتصادي مع تراجع الطلب في الاقتصادات المتقدمة وتراجع سياسات التحفيز النقدية غير التقليدية، ومع تراجع نمو الاقتصادات الناشئة، فإنه من المرجح أن يتأثر النمو في الدول المنتجة للمواد الخام بصورة سلبية. وشهد الاقتصاد العالمي نمواً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1ر3 بالمئة في عام 2012، ومن المتوقع أن يحافظ على نفس النسبة في عام 2013، أما في عام 2014، من المتوقع أن يصل النمو إلى 8ر3 بالمئة حسب تحديث صندوق النقد الدولي لآفاق الاقتصاد العالمي في تموز 2013 مع وجود اتجاهات متباينة بشكل واضح في النمو ما بين الاقتصادات المتقدمة .
وما زالت الاقتصادات النامية والأسواق الناشئة تنمو بقوة أكبر من تلك السائدة في الدول المتقدمة، إلا أن مؤشرات عام 2013 تشير إلى تراجع في معدلات النمو في هذه الدول.
وفي الدول المتقدمة، يبدو أن هناك انقساماً متنامياً بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة ومنطقة اليورو من جهة أخرى. ويتنبأ صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو في الولايات المتحدة الأميركية 7ر1بالمئة و 7ر2بالمئة في عامي 2013 و2014 على التوالي مقابل6ر0بالمئة و 9ر0 بالمئة لنفس الفترة في منطقة اليورو، وعلى الرغم من أن معدل النمو المتوقع في الولايات المتحدة الأميركية يبدو مرتفعاً إلا أنه فعلياً لا يكفي لتحقيق تحول كبير في معدلات البطالة التي ما زالت مرتفعة.
وتعكس توقعات النمو السالبة في منطقة اليورو ليس فقط الضعف الذي تشهده الدول غير المحورية ولكن بعض الضعف في الدول المحورية، فعلى الرغم من ارتفاع معدل النمو في ألمانيا إلا أن من المتوقع أن يبقى دون 1 بالمئة في عام 2013، أما معدل النمو في فرنسا فيتوقع أن يكون سالباً الأمر الذي يعكس آثار ضبط المالية العامة والأداء الضعيف للصادرات والثقة المتدنية.
ويتوقع أن تشهد معظم الدول غير المحورية في أوروبا وبشكل ملحوظ إيطاليا وإسبانيا انكماشاً كبيراً في عام 2013، وعلى الرغم من أن معظم هذه الدول تتجه لأن تصبح أكثر تنافسية ولكن بصورة بطيئة إلا أن الطلب الخارجي ليس قوياً لدرجة تسمح بالتعويض عن الطلب الداخلي الضعيف، كما أن الآثار السلبية المتداخلة بين البنوك الضعيفة والحكومات الضعيفة والنشاط المتدني جميعها تعمل على تعزيز عملية الانكماش.
جدير بالذكر أن هناك بعض المؤشرات الإيجابية على احتمالية خروج منطقة اليورو من مرحلة الانكماش خلال عام 2013، أما اليابان فإنها تتجه بقوة في منحى خاص بها، فبعد سنوات كثيرة من الانكماش السعري والنمو القليل أو المعدوم أعلنت الحكومة عن تبني سياسة جديدة تستند إلى تحفيز نقدي كبير واستهداف تضخم موجب وتحفيز مالي وإصلاحات هيكلية، حيث ستعزز هذه السياسة النمو في الأجل القصير الأمر الذي يتضح من توقعات صندوق النقد الدولي للنمو بأن يبلغ 0ر2بالمئة في عام 2013، رغم ذلك وبالأخذ بعين الاعتبار المستويات المرتفعة للدين العام فإن الشروع في تطبيق التحفيز المالي في غياب خطة ضبط مالية عامة متوسطة الأجل هو أمر فيه مخاطرة حيث يزيد من احتمال طلب المستثمرين علاوات مخاطرة الأمر الذي سيؤدي إلى عدم استدامة الدين.
وفي مقابل هذا المشهد المختلط في الاقتصادات المتقدمة، فإن الاقتصادات الناشئة تبلي بلاءً حسناً، ففي الماضي كانت هناك ظروف شبيهة بالظروف السائدة في الوقت الحاضر مثل: أسعار سلع مرتفعة وأسعار فائدة متدنية وتدفقات داخلة كبيرة لرأس المال أدت في الغالب إلى حدوث ارتفاعات كبيرة في الائتمان وخلق فقاعات، لكن الحال اليوم مختلف حيث نجح صانعو السياسات بشكل عام في المحافظة على الطلب الكلي ضمن حدود الطلب الممكن وفي نفس الوقت فإن النمو نفسه انخفض في العديد من الاقتصادات الناشئة الرئيسية بالمقارنة مع الاتجاهات التي كانت سائدة قبل الأزمة، وبالرغم من اختلاف الظروف بين الدول فإن الواقع العملي يبين أن بعض هذا التراجع مصدره التشوهات المرتبطة بالسياسات والتي يجب أن تتم معالجتها. وبالنسبة للتضخم فقد انخفض معدل التضخم العالمي من 75ر3 بالمئة في أوائل عام 2012 إلى حوالي 25ر3 بالمئة في نيسان من عام 2013، ومن المتوقع أن يبقى حول هذا المستوى خلال عام 2014، وقد حافظت توقعات التضخم على مستوياتها الأمر الذي دفع الباحثين في صندوق النقد الدولي إلى دراسة التضخم لمعرفة هل تم كبح جماحه أم أن أهميته فقط تراجعت، حيث يتوقع أن تكون تقديرات التضخم تنازلية الاتجاه حتى عام 2018.
إن التحسن الذي طرأ خلال العام الماضي كان بسبب الإجراءات الحاسمة على مستوى السياسات التي تم تبنيها في أجزاء مختلفة من العالم والتي أسهمت في تخفيض المخاطر الكبيرة.
جدير ذكره أن الملاحظة الختامية لتقرير الاستقرار المالي العالمي نصف السنوي الأخير والفكرة الأساسية للتقرير ملخصة تاليا في العنوان( مخاطر قديمة وتحديات جديدة)، فقد أسهمت السياسات الاقتصادية الكلية التي تم تبنيها في الحد من التباطؤ الاقتصادي وتحسين آفاق المستقبل وخاصة في الاقتصادات المتقدمة، حيث يتوقع أن تبقى أسعار الفائدة الأساسية منخفضة جداً على مدى السنوات الثلاث المقبلة عاكسة بشكل جزئي التشدد الائتماني في منطقة اليورو بسبب الظروف التي تعيشها الدول غير المحورية والتوسع الائتماني في الولايات المتحدة الأميركية، مدفوعاً بتحسن أسعار المساكن وتحسن أوضاع قطاعي الأفراد والبنوك، ونتيجة لذلك فإن الظروف المالية قد شهدت تحسناً من خلال تطبيق السياسات النقدية غير التقليدية والتي أسهمت في تعزيز الاستقرار المالي، كما أن الإجراءات التي تم تبنيها من قبل البنوك المركزية الرئيسية في العالم استهدفت تنشيط الاقتصاد ومكافحة الأزمة المالية من خلال تعزيز الاستقرار المالي في الأجل القصير.
مخاطر قديمة.. تحديات جديدة.
إن التحسن الذي طرأ على الظروف المالية العالمية في شهر نيسان من عام 2013 بالمقارنة مع شهر تشرين الأول 2012 اشتمل على تراجع في مخاطر الائتمان ومخاطر الاقتصاد الكلي ومخاطر السيولة والسوق ومخاطر الأسواق الناشئة، إلا أن درجة تقبل المخاطر شهدت التحسن الأكبر، كما تحسنت الظروف النقدية والمالية. وتنعكس أهمية اتجاهات الاقتصاد الحقيقي على استقرار النظام المالي من خلال ما يسمى بـ (ستلايت مودل)، والذي يستخدم بهدف قياس أثر متغيرات الاقتصاد الكلي على نوعية أصول البنوك من خلال اختبارات الأوضاع الضاغطة الكلية (فوغليا) 2009. وأشار فوغليا 2009 إلى أن الكثير من اختبارات الأوضاع الضاغطة يتم بناؤها استناداً إلى نماذج اقتصادية كلية لتقدير تطور المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسية (مثل الناتج المحلي الإجمالي وأسعار الفائدة وأسعار المساكن) في ظل أوضاع ضاغطة معينة، والتي يمكن أن تؤثر سلباً على الاقتصاد الحقيقي، ويتعدى أثرها ليصل إلى النظام المالي وذلك بهدف تحديد أدوات السياسة المتاحة التي قد تكون فعالة في الحد من التبعات المحتملة للصدمات على استقرار ومناعة النظام المالي.
آمال وحقائق ومخاطر .
حدد صندوق النقد الدولي إجراءات عمل مطلوبة لضمان الاستقرار والتعافي المالي تتمثل بمعالجة حالات الضعف في ميزانيات القطاعين الخاص والعام، وتحسين تدفق الائتمان لدعم التعافي، وتقوية النظام المالي العالمي، وهذه الإجراءات يجب أن يستمر دعمها من خلال السياسات النقدية المتكيفة، حيث أن هذه السياسات مجتمعة سوف تعمل على تعزيز المكاسب التي تحققت على صعيد الاستقرار المالي وتقوية النظام المالي العالمي وتدعيم التحسن المستمر في آفاق الاقتصاد.
الوضع الاقتصادي المحلي وآفاقه:
إن التطورات الاقتصادية والمالية العالمية وآفاقها كان لها أثر على الأردن كاقتصاد صغير ناشئ مفتوح مستورد للنفط، فالأردن يتعرض لصدمات حادة منذ خمس سنوات شملت: الأزمة المالية العالمية، والربيع العربي وما رافقه من انقطاع الغاز المصري والصراع في سورية وما رافقه من تدفق كبير للاجئين السوريين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية والنقص في المنح والمساعدات، حيث انعكست تبعات هذه الصدمات على الأردن بطرق كثيرة. رغم ذلك، فإن السياسة المالية المتشددة المصاحبة للسياسة النقدية المنضبطة ساعدت في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي والنقدي من حيث المحافظة على معدلات النمو موجبة ومستوى احتياطيات مرتفع واستقرار مستويات الأسعار والمحافظة على الاستقرار المالي الذي نتج عن تبني سياسة رقابية وتشريعية حصيفة على النظام المصرفي، بالإضافة إلى اتسام النظام المصرفي في الأردن بالتحفظ، واحتفاظه بمستويات مرتفعة من رأس المال ومستويات مقبولة من السيولة، وانخفاض تعرضه للسندات السيادية الأوروبية والأدوات الاستثمارية عالية المخاطر، كما لا يمكن تجاهل الاستقرار السياسي الذي ساعد في تعزيز الاستقرار في المناحي الأخرى، وفي ظل تعزز أركان الاستقرار الاقتصادي، اتخذ البنك المركزي بتاريخ 7/8/2013 قراراً بتخفيض أسعار الفائدة (25 نقطة أساس).
إن الأردن كاقتصاد صغير مفتوح يترابط بقوة مع الاقتصاد العالمي، فالاستمرار المتوقع لتبني السياسات المالية المتشددة في الاقتصادات المتقدمة مثلاً سيكون له أثر واضح على الأردن من خلال احتمالية تراجع الطلب الخارجي والمنح والمساعدات الخارجية.
إن شركاء التصدير الرئيسيين للأردن هم: العراق والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والهند وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة، في حين أن شركاء الاستيراد الأساسيين هم: المملكة العربية السعودية والصين وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة وألمانيا وتركيا، وقد مرت هذه الدول بممرات مختلفة متأثرةً بالاقتصاد العالمي والوضع السياسي، وعلى الرغم من ذلك، فإن التوقعات تسير نحو استمرار الاستقرار الاقتصادي في الأردن المرتبط بالاستقرار السياسي والاجتماعي والسياسات النقدية والمالية الحصيفة.
وأشار صندوق النقد الدولي في ختام زيارة للأردن في 26/12/2012 ضمن مراجعته الأولى لترتيبات الاستعداد الائتماني إلى أن أداء الاقتصاد الأردني كان جيداً حيث استطاع مواجهة التحديات التي أشرنا إليها والتي زادت من حدة الضغوط على الاقتصاد الأردني.
وقد كانت توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن النمو الاقتصادي في نهاية عام 2012 سيزيد قليلاً عن 3 بالمئة مقارنة مع 6ر2بالمئة في عام 2011 في حين توقع الصندوق أن يبلغ معدل التضخم 5 بالمئة تقريباً لمتوسط الفترة في عام 2012، إلا أن هذه التوقعات لم تتحقق، حيث بلغَ معدل النمو الاقتصادي 8ر2 بالمئة في نهاية عام 2012 كذلك فإن معدل التضخم كان أكبر من المتوقع حيث بلغ 2ر7 بالمئة في نهاية عام 2012 بسبب قرار الحكومة توجيه دعم المحروقات للأفراد وليس للسلعة، رغم ذلك فإن توقعات الصندوق أصبحت أكثر تفاؤلاً تجاه الاقتصاد الأردني في المراجعات التالية كما أظهرت تحديثات توقعات الصندوق، وعلى الرغم من صعوبة الظروف المحيطة بالأردن على كافة الصعد فقد شهد الصندوق بسلامة تنفيذ سياسات الاقتصاد الكلي للحد من الاختلالات المالية والخارجية بطريقة مقبولة اجتماعياً.
وكان قرار صانعي السياسة المالية بتحرير أسعار جميع المنتجات النفطية ما عدا الغاز المسال ورفع الدعم الحكومي المقدم لها في 14/11/2012 خطوة هامة خفضت من العبء والمخاطر على الميزانية العامة من تقلبات أسعار النفط على طريق تحقيق استقرار مستدام لمالية الحكومة، أما فيما يخص البعد الاجتماعي فلم يكن غائباً عن خطط الحكومة، حيث عملت على التخفيف من أثر ارتفاع أسعار الوقود لجزء كبير من السكان من خلال الدعم النقدي المباشر .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو