إغتراب

انا من الكرك ..وأسكن عمان , هذا يعني أنني مغترب ... ومن حقي أن اشارك بورقة عمل في مؤتمر المغتربين ... هل قلت ورقة ؟ لا تكفيني ورقة واحدة سأشارك ...بمجموعة أوراق وبرطل جميد , (وتنكة) سمن بلدي ...اضافة اعلان

أريد أن اسرد تجربتي في الإغتراب ,أن أتحدث للمشاركين ..عن هذه السنين التي أمضيتها بعيدا عن بر الكرك ....أتذكر أني سكنت في أبو نصير لحظة رحيلنا من الكرك , وقلت في داخلي أني سأفتك بقلوب البنات جميعهن ...وكان لدي قميص أحمر , وهو اللون الذي ظننته سيغوي البنات ...إبتداء من مرتبات الثالث إعدادي وصعودا حتى التوجيهي .
وكان لدي أيضا علبة (كالونيا) يستعملها بعض الحلاقين من أجل التعقيم ...وظننت في لحظة أن عطر هذا الفتى الكركي , سيأسر جميع العيون ...بعطره أيضا .
وبدأت كتابة رسائل الغرام , ليلى كتبت لها ..وسمر كتبت لها , وعواطف كتبت .. وطعمت النثر بالشعر النبطي ... وللأسف لم أرسل ولا رسالة ... جميعها بقيت في جيب (الجاكيت) .... وكان من نتائج الإهتمام بالعشق وبالصبايا ... أنني حصلت على (إكمال ) في مبحث اللغة الإنجليزية , واخر في الرياضيات ... وثالث في التربية الإسلامية .
يبدو أنني لم أدرس جيدا , لأني كنت أرى وجه عواطف , في كتاب اللغة الإنجليزية على ما يبدو ... فينشغل قلبي بها .... يومها (عايرني) رفاق السوء في الحارة وقالوا للجميع أني اكملت في التربية الإسلامية , مع أنه مبحث سهل ...
قلت لأبي يومها :- أريد العودة للكرك ...إلى هنا ويكفي يبدو أن عمان لا تقبلني ..وأتذكر أنه كان يحلق وجهه , على مراة صغيرة , وبجانبه علبة ينظف فيها شفرة الحلاقة ...ومليئة بالماء , لم يهمني أن العلبة قد طارت لوجهي ...وصفعتني في الجهة اليمنى , ولكن الذي أزعجني ..أن أبي – حتى أبي – هو الاخر صرخ علي باستهزاء وقال :- ( أبو الكمالات ....بس تنجح في الدين بنرجعك ع الكرك) ...
تخيلوا أن أمي هي الوحيدة التي شجعتني , ونصحتني بأن أواظب على الدراسة ومن ضمن النصائح التي تلقيتها , هي أن أصلي فبجانب منزلنا يوجد مسجد ..أمي كانت تعتقد أن النجاح في مبحث التربية الإسلامية مرتبط بالصلاة .
المهم ...أريد عرض تجربتي للإخوة والإصدقاء في الإغتراب , وهل طعم قلاية البندورة يختلف في عمان عن مذاقها في الكرك ؟
وها أنا أكتب , وما زلت للان مغتربا ..