السبت 2024-12-14 04:10 ص
 

الخيانة والوفاء .. عن مشجعي لعبة فيفا!

11:45 ص

الخيانة أصبحت أول كلمة تقال للاعب يريد الرحيل عن فريقه ليبحث عن مستوى جديد في مسيرته الإحترافية سواء كان ذلك سعي منه للإرتقاء لنادي أكبر من ناديه السابق أو السعي ليصبح نجم فريقه الجديد أو يريد المال، ولكن ما سر وضع كل تلك الأمور تحت بند الخيانة؟

كل هذه الأشياء هي حق أصيل للاعب وحده ليس إلا، فلماذا من حق الجماهير اتهام اللاعب بالخيانة، في حين أنهم بمجرد انخفاض مستواه لا يلقى بعضهم نفس الوفاء؟ فترى من يريد بيعهم أو إجلاسهم على مقاعد البدلاء لمجرد بضع مباريات سيئة، فأين وفاء المشجعين أولاً قبل أن نتهم الآخرين بالخيانة؟

ما يمارسه بعض مشجعي كرة القدم الآن مع لاعبي فرقهم وإداراتها لا يوصف إلا بالجشع، فحين تمتلك الأفضل تريد من تراه أفضل منه لتجلسه على مقاعد البدلاء، وإن لم يوجد من هو أفضل يتحول قطع الطريق على المنافس إلى غاية في حد ذاته، بمعنى أن تريد اللاعب فقط لأن خصمك يريده لا لأنه ضمن اهتماماتك أو يناسب أسلوبك. هذا ينطبق بالأخص على مشجعي الفرق الكبرى وأبرزها قطبي إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة.

المشكلة ليست في رغبة المشجعين بضم لاعبين جدد لفريقهم المفضل لأن الجميع يريد الأفضل لفريقه وهذا شئ طبيعي، ولكن الأزمة أصبحت أن فلسفة الهدم باتت تتفوق على فلسفة البناء، وأنه لم يعد هناك مشكلة مع تفكيك الكيان الناجح بأكمله أو التضحية بأحد عناصره لمجرد فترة سيئة، بحثاً عن الأفضل في علم الغيب، فلا ضمانات لنجاح تلك البدائل المقترحة دائماً.

اضافة اعلان

زين الدين زيدان

مر عامين على تسلم الفرنسي مقاليد الإدارة الفنية لريال مدريد. في خلال هذه الفترة قاد زيزو الملكي لتحقيق 8 ألقاب أبرزهم أول لقبين متتاليين في المسمى الحديث لدوري أبطال أوروبا، ولقب الدوري الغائب عن خزائن النادي منذ عام 2012.


والآن عقب انحدار مستوى الفريق خلال النصف الأول للموسم، أصبحت الجماهير التي كانت قبل 3 أشهر فقط تلقبه بالأفضل في العالم بل بالغ البعض ونصبه كالأفضل في التاريخ، تريد الآن إقالة الرجل الذي يعد أحد أساطير النادي سواء كلاعب أو كمدرب دون إعطائه الفرصة حتى لإنهاء الموسم.

هل كانت الجماهير ذاتها لتبقى راضية عن زيدان، لو كان فضَّل مع نهاية الموسم الماضي إنهاء مسيرته مع الميرنغي والتوجه لتدريب ناد أخر أو المنتخب الفرنسي مثلاً؟ أما كان ليجد نفسه محل سخط الجماهير رغم إنجازاته؟

ألا يستحق زيدان السمح له بإنهاء الموسم ثم يرحل من الباب الكبير باحترام ليأتي بديله مع بداية الموسم الجديد بفكره وتعاقداته الخاصة؟ أو على الأقل أن يتقدم هو باستقالته دون الدفع به تجاهها، أم أن مصير أحد الأساطير هو الإقالة مثله مثل الفاشل الذي لم يقدم شيئاً لناديه؟

لويس سواريز

وصل الأوروغواياني لصفوف النادي الكتالوني صيف 2014 قادماً من صفوف ليفربول الإنجليزي ليساهم بتتويج البلوغرانا بخماسية في موسمه الأول، ويحصد مع الفريق 8 ألقاب حتى الآن.

شارك صاحب الـ30 عاماً في 172 مباراة مع الفريق الكتالوني منذ وصوله أحرز خلالهم 135 هدف وصنع 74 هدف كأعلى حصيلة له في جميع الأندية التي لعب لها، وأعلى معدل أيضاً على مستوى التسجيل وصناعة الأهداف.



والآن وبعد تعرضه لانخفاض نسبي في المستوى، بات بعض مشجعي العملاق الكتالوني يرغبون ببيعه، محملين إياه ضريبة تراجع الموسم الماضي الذي انخفض فيه مستوى الفريق ككل، بالإضافة إلى التذرع ببلوغه سن الثلاثين وكأن عمره وصمة عار عليه.

بين الأولويات و'الفيفا'

هل هناك مهاجم في العالم من الأساس يصغر سواريز في العمر وقادر على تقديم أفضل مما يقدمه البيستوليرو؟ وهل مركز المهاجم هو الأولى بالتدعيم في صفوف برشلونة التي تضم باكو ألكاسير أيضاً في نفس المركز؟ أليس وسط الملعب بالأحرى هو الأحق بهذا الدعم؟ هل ماتت الرغبة في ضم لاعب وسط بمجرد فشل صفقة ماركو فيراتي؟ أليس سيرجيو بوسكيتس بلا بديل في الوقت الحالي؟

هل يرغب مشجعي البلوغرانا فعلاً بإجلاس سواريز على مقاعد البدلاء في حين أن الدفاع لم يكن على ما يرام؟ هل الكولومبي ييري مينا القادم من الدوري البرازيلي قادر على سد هذا العجز؟ جيرارد بيكيه يتذبذب مستواه، وصامويل أومتيتي حين أصيب شارك توماس فيرمايلين بدلاً منه، قدم أداءً جيداً ولكن من يضمن عدم تعرضه هو للإصابات بتاريخه السيئ معها؟

المسألة ليست فقط ترك كل تلك الأساسيات والالتفات لأمر أقل أهمية بالحصول على مهاجم أفضل، المشكلة هو أنه لا وجود لتلك الأفضلية من الأساس. فأنطوان غريزمان نجم أتلتيكو مدريد الذي باتت الإدارة تطارده فعلاً قد سجل 5 أهداف فقط في الليغا مقابل 13 لسواريز الذي يزعمون نهايته. هذه هي المشكلة، حين تجتاز تلك الأهواء حاجز المشجعين وتصل إلى الفكر الإداري.



يمكن للمشجعين أن يحلموا بانضمام لاعبيهم المفضلين لفرقهم وأن يتعاملوا مع تلك الأمور كما لو كانوا يلعبون 'فيفا'، فإن لم يكن غريزمان قادماً على حساب سواريز فإنه قد يلعب إلى جواره، أي أن تتواجد طريقة ما لدمج ميسي وسواريز وغريزمان وكوتينيو وديمبيلي في تشكيل واحد دون أن يفتقد وسطه للعمق الدفاعي اللازم وكأن كرة القدم أصبحت هجوماً فقط! هذا تشكيل يمكن اللعب به في فيفا فقط، وأن تضم دكة البدلاء واحد أو اثنين من الأسماء السالف ذكرها هو أمر لا يحدث إلا في فيفا أيضاً، لأن لا أحد يكمنه إنفاق 105 مليون يورو في لاعب واحد ليصبح بديلاً في خططه.

في وسط هذا الاضطراب لا تزال أعين البعض على باولو ديبالا نجم يوفنتوس أيضاً، الذي قد يشهد صراعاً بين برشلونة وغريمه ريال مدريد. الملكي الذي يعيش بدوره أزمة مشابهة في رغبة ناسفة لدى بعض الجماهير، فالأزمة التي يمر بها العملاق الأبيض غير منوطة بلاعب وحده. المطالب ترقى إلى رأس المدرب، ومن الطبيعي أن يدخل ماوريتسو بوتشيتينو المدير الفني لتوتنهام حيز التفكير، ولكن في قائمة الاهتمام، يُضاف إليه ثلاثي الديوك هاري كين وكريستيان إريكسن وديلي آلى بنسب متفاوتة. التطرف بتلك النقطة وصل إلى الرغبة بشراء فريق كامل بمدربه، في فريق كان الأفضل في أوروبا والعالم منذ 5 أشهر فقط!.



الأمر لا يتوقف هنا، فالآراء ذاتها تتفرع وتصل إلى لاعبين مثل كيليان مبابي وإيدين هازارد، إذا افترضنا جدلاً أن الملكي قادر على ضم كل هؤلاء اللاعبين -وهو مستحيل قطعاً- من سيلعب ومن سيجلس على مقاعد البدلاء؟ فلا يمكن أن يولد تشكيل قادر على تطويع كل تلك العناصر الهجومية دون الدفع بهاري كين في حراسة المرمى بما أنه أطولهم!

تحمل تلك الأفكار في فحواها تضارباً تاماً مع اتهام نفس اللاعبين بالخيانة حين يقررون هم الرحيل، فتلك الطريقة تجعل اللاعبين بمثابة العبيد لا أكثر ولا أقل. اللاعب الذي سنعتبره خائناً حين يرحل هو نفسه من يمكننا إطلاق الرصاص عليه كالخيل العجوز.

الوفاء الطبيعي للاعب لن يتخطى ما قام به أنطوان غريزمان خلال سوق الإنتقالات الصيفية الماضية، برفضه الرحيل عن أتلتيكو مدريد بسبب العقوبة التي يعاني منها النادي، ولكن إن رحل بنهاية الموسم الحالي فهذا لا يجعله خائناً. فرانشيسكو توتي وخافيير زانيتي وستيفن جيرارد وغيرهم هم الاستثناء، ومثلما يحق للمشجعين البحث عن الأفضل لفريقه، من حق اللاعب كذلك أن يبحث عن الأفضل لمسيرته، ومثل ما نريد أن يبقى اللاعب وفياً للنادي، يجب أن نكون نحن أوفياء تجاه من أسعدونا مراراً وتكراراً، وأن ندعمهم في أوقات تراجعهم حتى يعودون إلينا بأفضل حال.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة