الجمعة 2024-12-13 02:04 ص
 

الربيع العربي بحاجة إلى مرجعيات نظرية

06:43 ص

في خضم الأحداث الواقعة في العالم العربي واختلاط ربيعه بشتاء أسود وعنيف فإن ما يلزم هو التأكد من أن الذين ساروا باتجاه التغيير والثورة يمتلكون رؤية واضحة وتصورات دقيقة إلى ما ستؤول اليه الأمور فليس المهم أن نهدم البيت الخرب وانما أن نتأكد أننا سنبني بديله والا بقينا في العراء..اضافة اعلان

معظم الثورات العربية التي وقعت هدمت ما هو خراب وفساد ولكنها لم تقم بديل ذلك النظام المرجو أن تذهب إلى الخلاص والنماذج على ذلك قائمة في تونس وليبيا ومصر .إذن كان لا بد للقوى السياسية الحية أن تقود الشارع وأن توجه طاقاته وأن تمنع عنه دخول أي قوى أجنبية أو معادية أو راغبة في حرق الأهداف.
لقد أنجز التونسيون ثورتهم لكن النتائج لم تكن هي المرجوة وكذلك فعل الليبيون ولكن ليبيا اليوم أكثر دماراً وضياعاً وغياباً للاستقرار أما مصر فقد خطفها الاخوان المسلمون قبل أن يصحو الشعب المصري ويسقطهم وما زال الحبل على الجرار فلا نموذج عربياً واحداً يمكن الأخذ به والاستشهاد بتجربته من الدول التي اجتاحها الربيع العربي..
بقي امامنا نموذجان المغربي والأردني وهما النموذجان اختارا التغيير بالاصلاح لا بالثورة ولم ينسفوا الأساسات ولم يهدموا البيت وانما عمدا إلى اصلاح وترميم ما يحتاج إلى ترميم قبل أن ينهمر الشتاء وتتداعى القواعد ولعل التجربتين الآن جديرتين بالدراسة رغم التباين القليل في المقارنة حيث يمتلك المغرب أحزاباً تقليدية راسخة واخرى جديدة وهذا يوفر أدوات التغيير الديمقراطي للمشاركة رغم أن الأردن يمتاز بالمقابل بارتفاع مستوى التعليم وغياب الأمية وضيق الفجوات الاجتماعية الى حد أكبر من المغرب الا أنه يفتقر للأحزاب الجاهزة لحمل مسؤوليات التغيير والسعي بها..ومع ذلك فإن البلدين معنيان بالاسراع أكثر في انجاز برامج الاصلاح والقدرة على مواصلة البناء من جانب والاحتواء من جانب آخر وان التعطيل أو الابطاء يكلف ثمناً باهظاً .
ولعل المساهمات الفكرية والنظرية التي قدمها الملك عبدالله الثاني والتي تشكل ميزة تنفرد بها قيادة عربية تواجه التغيير بأن يكون لها اسهام فكري ونظري مباشر يأخذ رؤيته من الشارع ومن دعوات التغيير نفسها ليصب ذلك في اطار تكوين مرجعية تجيب على الأسئلة المعلقة.
المساهمة الملكية من جانب الملك عبدالله الثاني جاءت في الأوراق النقاشية الفكرية العديدة التي قدمها مساهمة منه في الحوار الذي يستلزمه التغيير لتحديد المسارات ووضع النقاط باتجاه الأهداف ولم تكن هذه الأوراق في محتوياتها أوامر أو تشريعات جاهزة أو اطارات مغلقة أو كلام سلطوي وانما كانت أفكاراً مفتوحة قابلة للنقاش والاضافة والاختصار والاثراء والتعليق والرد وهي تفتح الباب باتجاه الحوار معها وعليها وقبول مضامينها او حتى طرح الحجج في مواجهتها.
وفرت الأوراق الملكية تسخين الحوار الوطني كما وفرت أرضية تشكل مرجعية يمكن أن تعود اليها الأحزاب أو التجمعات المدنية أو القوى السياسية الباحثة عن اطار وطني لنشاطها وقد رايت ان الأوراق الملكية لم تؤخذ بما يكفي ولم يجري التوقف عندها بالتحليل والشراكة والتسويق ولم تتأثر الأحزاب والقوى السياسية التي ظلت على نفس معزوفاتها التقليدية وانشائية خطابها ومبالغاته وتكراره والنسخ عن الآخرين بعيدة عن هذه الأوراق الهامة..
أدعو إلى إعادة قراءة الأوراق ومناقشتها واشتقاق معطيات وطنية منها يمكن التسلح بها كمرجعية للنشاط السياسي وتحديد الرؤية فيه للمرحلة المقبلة وهذا ما يدفعني مجدداً للكتابة حول هذه الأوراق لعل باب النقاش يتسع والفائدة تعم..


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة