العنف متأصل في مجتمعنا

من حقنا أن نشعر بالصدمة والآسى لما كشفت عنه استطلاعات الرأي مؤخراً من أن 69% من الذكور و22% من الإناث في الأردن يؤيدون جرائم الشرف ، وربما يكون الواقع أسوأ إذ يدل استطلاع رأي قامت به (بيو) عام 2010 ونشرت الإيكونومست نتائجه في 6/8/2011 إن 70% من الأردنيين يؤيدون رجم المرأة الزانية حتى الموت ، و59% يؤيدون قطع يد السارق ، و85% يؤيدون قتل المرتد.اضافة اعلان

في هذا المناخ يتواطأ أخوة للإيقاع بشقيقتهم وقتلها بدم بارد بحجة المحافظة على الشرف الذي لا وجود له في حياتهم الخاصة وقد تكون المغدورة أشرف منهم!.
بعد كل هذا يقال لنا أن العنف ليس من طبائعنا ، وليس من أخلاقنا ، وأنه غريب عن مجتمعنا. والحقيقة عكس ذلك تمامأً ، فالعنف متأصل في مجتمعنا ، ويزداد العنف والانحراف كلما ارتقى المواطن في سلم التعليم ولذلك نجد التعبير الحقيقي عن ثقافتنا ومجتمعنا في الجامعات.
العنف والعدوان على الآخر والإرهاب لها جذور عميقة في ثقافتنا وتراثنا الذي يمتد في أعماق التاريخ ، ولم نستطع حتى الآن أن نحقق قطيعة ثقافية مع سلبيات الماضي أو على الأقل تحليل وفهم التراث الماضي بأسلوب حديث غير تراثي كما اقترح الفيلسوف المغربي محمد عابد الجابري رحمه الله.
يجب أن نعترف بأننا في الجانب المتخلف من المجتمع الإنساني. وفيما عدا الاستثناءات التي تثبت القاعدة ، فنحن لسنا مبدعين في العلوم والتكنولوجيا والاتصالات والثقافة والطب وكل مناحي الحياة المتكاملة فنحن عالة على إنتاج وإنجازات الآخرين.
يمكن أن يصحو المتخلف ويحاول اللحاق بالركب البشري ، وهذا ما فعلته بعض شعوب العالم الثالث التي ارتقت إلى مستوى العالم الأول وأصبحت تنافسه أو تضيف إليه في كثير من المجالات.
أما نحن فقد اخترنا إغلاق عقولنا ، فنحن ضد الديمقراطية المستوردة ، والمعرفة المستوردة ، والثقافة المستوردة ، ولذلك علينا أن ننتظر قروناً لنتعلم بصورة مشوهة بعض ما انتهى العالم المتقدم منه.
في عصر الطائرات الأسرع من الصوت نفتخر بإنجاز إحدى جامعاتنا بصنع طائرة بدائية تستطيع التحليق في الجو بضع دقائق. وفي عصر الإلكترونيات حاولت بعض مؤسساتنا العلمية أن تصنع راديو ترانزستور بدائي بكلفة عالية.
العنف متأصل في تراثنا وفي حياتنا اليومية وهو جزء لا يتجزأ من شخصيتنا وثقافتنا ، وليس غريباً والحالة هذه أن نحتكر إنتاج الإرهابيين والانتحاريين في العالم حتى أصبح العربي مشبوهأً من حيث المبدأ ، ومتهمأ حتى تثبت براءته.