يطل علينا عيد الأضحى المبارك وأمتنا العربية والإسلامية في محنة وتقاطع وتدابر، نفث الشيطان سمومه بين الأخ وأخيه، وتنابز الناس بألقاب توحى بالعيب والشنار، ودبت الفرقة بين أبناء القطر الواحد، حتى بات الحليم في حيرة من الأمر، استطاع عدو الأمة ان يفرز انياب حقده في جسد وعقل أبناء الأمة، وأضحى الإنسان العربي المسلم إمعة، لا يعطي لعقله مجالا للحوار مع الآخر، وإنما غطيت الأبصار والبصائر بسحب داكنة، فلم يعد المرء يكشف النور لكثرة التراكمات النفسية السيئة التي طغت على القلوب والأرواح، فسدت منافذ المعرفة الحقيقية لدى الكثيرين من العامة والخاصة.
يأتي عيد الأضحى المبارك وفي النفس أشواق روحية لخالقها، ومحبة مغروسة للمؤمنين، ونظرة تؤمل ان يتعاطف الأخ مع أخيه، ليشعره بالألفة وانه معه في السراء والضراء لأن العيد صلة للرحم، وقطع لدابر الشر، وتكافل وتراحم، يأنس المؤمن بأخيه عندما يبادله تحية العيد، ويسري عن نفسه آلام الماضي وجرح الحاضر، في أحاديث الأحبة تسلية وعبرة، وفي مرح وابتسامة الصغار نسيان للجراح ولو للحظات، لان العيد يزرع الأمل والتفاؤل في النفوس لتثمر بالعطاء والعطف والمحبة التي ننشدها، وهي تشد من الأزر، وتحمي الامة من غوائل الشر، وتلملم الشتات المبعثر، لتبصر الأمة الماضي المشرق مقرونا بالحاضر المؤلم، عسى ان تزول غمة او تفرج كربة، او ينقشع الظلام من الطريق الذي انسدت مساربه.
يأتي عيد الاضحى وهو اعظم الاعياد على الامة العربية والاسلامية، لأنه يرتبط بفريضة الحج، وفي الحج تاريخ الحنفية السمحة الاولى من عهد سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام، عندما بنى الكعبة المشرفة حيث امره الله، وتاريخ الاسلام العظيم الذي اشرق بنوره من مهده الأول مكة المكرمة، وتاريخ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الارض المباركة، والمسلمون يشدون الرحال للحج والعمرة تجسيدا لمعاني الاسلام الكبرى، واتباعا لخطى سيدنا ابراهيم عليه السلام، وتأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما بلغ الامة قائلا: لتأخذوا عني مناسككم، وفي العيد نتذكر الاضحية وهي سنة ابيكم ابراهيم عليه السلام، كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها من العبادة والتكافل بين المسلمين ما يرأب الصدع، ويزيل اسباب التباغض، وفي عيد الأضحى المبارك نشارك الحجاج خطواتهم في الدعاء والتلبية والتوبة والبذل والاحسان.
العيد التزام المسلم بعقيدة وأخلاق الاسلام، وليس خروجا على المبادئ الكبرى التي ارسى دعائمها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو بناء النفس المؤمنة على المثل العليا والاخلاق الكريمة، العيد دعوة صريحة للتآلف والأخوة، وردم هوة الخلافات، وتناسي الاحقاد التي لا تثمر الا الشوك القاتل، وان يشعر المسلم بشعور أخيه الفقير المحتاج، والمشرد عن وطنه، والارملة التي فقدت معيلها، واليتيم الذي فقد والديه، العيد دعوة للتوبة والمصالحة مع النفس الامارة بالسوء، لان الانسان ربما تزل قدمه في لحظة ضعف منه، ولكن الله فتح باب التوبة للنادمين والتائبين، خاصة هذه الايام المباركة.
العيد دعوة لأبناء الامتين العربية والاسلامية للعودة الى منابع الاسلام الصافية التي تجدد اليقين والثقة بالله عز وجل، وتنفي الخبث عن حياة أبناء الامة، وللأسف يأتي هذا العيد العظيم وبلاد العرب والمسلمين في حروب وتطاحن في العراق وفلسطين وغيرهما، فلم يعد للعيد حرمة وفرحة، حتى ان الغفلة وحب الدنيا وعبادة المناصب، وحب الذات، سيطرت على النفوس، واستولت على القلوب، طوبى لمن طهر نفسه من آثامها في هذا العيد العظيم، حتى يكون من الاصفياء والانقياء لدينه وامته ووطنه، وتحية اكبار واعزاز لأمتنا الماجدة مقرونة بالامل ان تعود العزة والكرامة في ظل هذا الدين العظيم وصدق الله العظيم: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
الراي
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو