الجمعة 2024-12-13 02:00 ص
 

القبارصة الأتراك ـ رحلة البحث عن الهوية لمعاوية الياس ابراهيم

12:13 م

الوكيل - اصدر الاعلامي السوداني معاوية الياس ابراهيم كتابا جديدا بعنوان القبارصة الأتراك – رحلة البحث عن الهوية، وأعد لهذا الكتاب خلال زهاء نصف عقد من الزمان، وبما أن هذا الكتاب يبحث بشكل خاص في رحلة القبارصة الأتراك بحثاً عن هوية، سواءً أكانت رحلتهم هذه ستأخذهم إلى الغرب كمواطنين أوروبيين، أم سيبقون مع تركيا التي هي الأخرى تصارع من أجل أن تصبح أوروبية، فلا غرو أن يبحث الكاتب في علاقة قبرص بالإسلام والعرب، ثم يعرج بعد ذلك إلى تطورات الأحداث في العصر الحاضر.اضافة اعلان

تساءل كثيرون: ‘لماذا قبرص؟’. يجيب معاوية الذي يعمل ويقيم في ابوظبي: انني أتطرق لموضوع قلما كان مبحثاً لكتاب بأكمله. إنها قضيةُ شعبٍ مسلمٍ عاش عقوداً من المعاناة والعزلة والتجاهل. إنهم إخوتنا في الدين.. ولكن لم تتعد أُخُوتُنا لهم أُطُر المجاملات والمعرفة السطحية لهمومهم.
فربما لا يعرفُ الكثيرون أهمية قبرص للمسلمين.. وربما لم يسمع الكثيرون نبوة الرسول الكريم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ورؤياه التي رآها عن جزيرة قبرص وهو نائم في بيت إحدى الصحابيات الجليلات، حين رأى أن اناساً من أمته يغزون الجزيرة. وقد كان.. فصدقت رؤياه عليه الصلاة وأفضل التسليم، وغزاها جيشٌ كثيفٌ من المسلمين قاده معاوية بن أبي سفيان في سنة 28 هجرية. وسنأتي على ذكر هذه الغزوة بالتفصيل لاحقاً.
ولعل من أهم دوافعي لتأليف هذا الكتاب هي محاولة تذكير المسلمين بما قد نسوه، أو تناسوه، عبر القرون. وليست هذه محاولة محضة للإدعاء بأن قبرص ارضٌ للمسلمين!
فهُم، وكما تؤكد شواهد كثيرة، لهم الحق فيها.. فلطالما قطنوها وعمروها منذ أمد بعيد.
ومن المفارقات أن كثيراً من المسلمين اليوم لا يدرك أهمية قبرص التاريخية ولا الإستراتيجية. فهي اليوم بوابتهم إلى الغرب وبوابة الغرب اليهم.. وحري بهم أن يعيدوا النظر في أمرها.. أو على الأقل أن يعملوا بالسنة النبوية التي ان لم تحثهم صراحة بمجاهدة النفس والمال من أجلها، فقد أوحت اليهم بأن فيها خيراً عميماْ. ألم يحثنا ديننا الحنيف بأن نهاجر في أرض الله الواسعة؟!. وأي أرض؟ إنها بلاد مسلمة ما رأت عيناي أجمل منها قط. هذا ناهيك عن أنها بلاد للعلم والمعرفة.. ولا يضاهيها في ذلك إلا القليل من بين بلاد المسلمين.
وإن لم يكن طلب العلم دافعاً قوياً لنا كي نهاجر في أرض الله الواسعة، ففي ظني، وظن الكثيرين، أن أضعف الإيمان أن نمد يد العون لإخواننا القبارصة الأتراك. فهم في أشد الحاجة إلينا اليوم قبل الغد. على الأقل أن نعينهم، ما استطعنا، في ‘رحلتهم للبحث عن الهوية’. وليس هذا بصعب المنال.
إن هذا الكتاب شاهد على عدة عصور حيث استغرق العمل فيه سنوات عدة، حتى يشمل كل ما ارتأيت أنه سيسهم في تقديم ‘القضية القبرصية’، بأسلوب مبسط وتسلسل تاريخي دقيق، وخاصة ما يتعلق منها بكفاح القبارصة الأتراك ‘ورحلة البحث عن الهوية’ التي امتدت لعقود من الزمن دون أن يحرك العالم ساكناً.
يعرض الكتاب القضية القبرصية في قالب ‘السهل البسيط’، مع الكثير من المعلومات القيمة التي، بلا شك، ستفيد القارئ وتعينه على فهمها من خلال سردٍ مبسطٍ للأحداث مع الدقة في التفاصيل.
يعرض الفصل الأول تاريخ جزيرة قبرص الذي يعود إلى أكثر من 7000 سنة، كما يحتوي نبذة عن الجزيرة وواقعها اليوم.
الفصلان الثاني والثالث يحاولان الرد على السؤال الذي تصعب الإجابة عليه، ألا وهو: ‘قبرص: أهي تركية أم يونانية؟’، فيعرضان بعضاً من جوانب جذور القضية القبرصية، بدءاً بعلاقتها بالإسلام، ومروراً بالأحداث العارضة التي أججت الصراع بين شطري الجزيرة، ووصولاً إلى واقع الجزيرة اليوم.
الفصل الرابع يبحث في موضوع الاستقلال الذي تم التوصل إلى إتفاق بشأنه بين الطائفتين لمنح كل طائفة استقلالها ولتقاسم السلطة والثروة وتقرير المصير بموجب دستور تم توقيعه وقتها. ولكن محاولات تقويض هذا الدستور أدت إلى أحداث عنف ومجازر انتهت بتدخل تركيا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وهذا ما تتناوله الثلاثة فصول التالية.
يناقش الفصل الثامن سياسة الإبادة العرقية التي انتهجها القبارصة اليونانيون ومحاولاتهم المستميتة لطمس الهوية الدينية للقبارصة الأتراك وإضفاء صبغة هلّينية ‘نسبةً إلى اليونان’ على الجزيرة، مما أدى إلى فقدان الطائفة القبرصية التركية لوطنها وهويتها.
يوثق الفصل التاسع لما يشبه ما يسمى اليوم في أضابير السياسة بـ’حوار الطرشان’ بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك، وما شهدته من مد وجزر على مدى عقود خرج الطرفان منها في كل مرة بـ’خفي حنين’.
أما الفصل العاشر فيتناول استقلال الطائفة القبرصية التركية وإعلان دولتها المعزولة حتى اليوم. ويرصد الفصلان التاليان مجريات الأحداث في ما يتعلق بالمباحثات بين الحكومات السابقة والحالية في شطري الجزيرة إلى يومنا هذا، وما آلت اليه الأوضاع عبر السنين وخاصة المفاوضات المتعثرة بين الجانبين، والتي حالت دون التوصل إلى حل لهذه المسألة العالقة منذ حوالى أربعة قرون.
الفصل الثالث عشر، وهو بعنوان ‘مسلمون ولكن’، يسلط الضوء على علاقة القبارصة الأتراك كشعب مسلم بالعالم الإسلامي. وقد اخترت هذا العنوان الغامض لكشف حقيقة العلاقة الفاترة بين المسلمين في قبرص وبقية العالم الإسلامي، رغم ما شهدته من بوادر في السنوات الأخيرة، لا تعدو أن تكون روتينية. ويقودنا هذا الفصل إلى الجزء التالي الذي يبحث في بعض الحلول لمساعدة هذا الشعب للخروج من عزلته.
يحتوي الفصل الخامس عشر مقابلات صحفية أجريتها مع ثلاثة زعماء قبارصة أتراك المؤسس والأب الروحي لهذه الدولة الفتية الزعيم الراحل رؤوف دنكتاش عليه رحمة الله، والرئيس السابق محمد علي طلعت، والرئيس الحالي درويش إروغلو. تدلل اللقاءات الثلاثة على بوادر ‘حسن النية’ لدى الطرف القبرصي التركي لاقتسام الكعكة مع الآخر الذي يبدو متعنتاً رافضاً حتى ‘القاء التحية’ عليه، ولو من باب المجاملة في كثير من الأحيان.
ويلخص الفصل السادس عشر القضية القبرصية في سطور، مما يميز هذا الكتاب ويجعله مرجعاً مفيداً للباحثين والمهتمين بالتاريخ.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة