السبت 2024-12-14 07:29 م
 

الملك في مهمتين

08:16 ص


كان خطاب الملك عبدالله الثاني بمؤتمر مبادرة لندن نھایة الأسبوع أقرب ما یكون لمرافعة سیاسیة واقتصادیة أكد فیھا حق الأردن على المجتمع الدولي. وساق الأدلة والبراھین التي تدعم ھذا الحق. ظروف إقلیمیة غیر مسبوقة ألقت بظلال كئیبة على خطط الاصلاح الاقتصادي، وعطلت التجارة مع دول الجوار، ومئات الآلاف من اللاجئین السوریین وما فرضوه من ضغوط غیر مسبوقة على البنیة التحتیة والموارد وسوق العمل.

اضافة اعلان


رغم ھذه الظروف الصعبة، استجاب الأردن من جدید لتحدیات الاصلاح الاقتصادي وشروطھ الصعبة، وتبنى سیاسات مالیة واقتصادیة تتواءم مع متطلبات ومعاییر المؤسسات النقدیة العالمیة، التي أكدت من جانبھا أن الأردن لبى بالفعل الشروط الكفیلة بمواصلة عملیة الاصلاح الاقتصادي، ووفر البیئة الملائمة والآمنة للاستثمار الأجنبي، ما یفرض على المانحین والمستثمرین مد ید العون لھ، وھذا ما تحقق بالفعل. ومقابل التزام الأردن باستراتیجیة اقتصادیة تمتد على مدار خمس سنوات، وتتضمن حزمة الاصلاحات والتعھدات في مجال السیاسة المالیة، أعلن مانحون كبار عن تقدیم حزمة تسھیلات مالیة على شكل منح وقروض میسرة للأردن للمضي قدما بخطط تحسین البنیة التحتیة ودعم المشاریع التنمویة، وخلق فرص عمل جدیدة.


وكأن ھذه التفاھمات بمثابة رسالة ضمانات للمستثمرین الأجانب لتوجیھ استثماراتھم في سلسلة مشاریع كبرى عرضتھا الحكومة خلال أعمال المؤتمر.


خطاب الملك في المؤتمر كان بمثابة غطاء سیاسي لتدشین ھذه التفاھمات، فقد منح حدیثھ الثقة بجدیة الالتزام الأردني بعملیة الاصلاح، وسعیھ الجاد لتأمین بیئة استثماریة محفزة. وفي المقابل أظھر المؤتمر مدى الأھمیة التي یولیھا المجتمع الدولي لاستقرار الأردن كركیزة لأمن واستقرار الأقلیم.


وبذلت الحكومة البریطانیة جھودا كبیرة لحشد ما یزید على 450 من قادة القطاعات الاقتصادیة من 60 دولة ومنظمة دولیة على رأسھا البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

صحیح أن المؤتمر كان لیوم واحد، لكن الاستعداد لعقد بنجاح تطلب أسابیع طویلة من التحضیر والاجتماعات والمناقشات، تابعھا جلالة الملك بكشل حثیث ویومي. وما كان للمؤتمر أن ینعقد أصلا لولا التفاھمات التي عقدھا الملك مع رئیسة الوزراء البریطانیة تریزا ماي خلال اجتماعھما في نیویورك بشھر أیلول ”سبتمبر“ من العام الماضي.

الحكومة التي واكبت العمل عن كثب وانجزت المھمة في لندن، یتوجب علیھا بعد العودة لعمان أن تترجم ما تحقق في ھذه التظاھرة المؤیدة للأردن لإجراءات عملیة تضمن تحقیق المكاسب بما ینعكس بشكل ملموس على حیاة الأردنیین في القادم من الأیام.

الملك وبعد أن أنجز المھمة في لندن، سیتوجھ بعد أیام لواشنطن لتولي مھمة لا تقل أھمیة عن مؤتمر مبادرة لندن، تتمثل بالتواصل مع قیادات الكونغرس الأمیركي الذي شھد انتخابات نصفیة قبل أسابیع حملت وجوھا جدیدة لأھم مؤسسة سیادیة في الولایات المتحدة الأمیركیة.

العلاقة الأردنیة الوثیقة مع ما یمكن وصفھا بمؤسسة الدولة العمیقة في أمیركا وأعني الكونغرس بمجلسیھ، كان لھا الفضل على الدوام بحمایة المصالح الأردنیة من تقلبات السیاسة الأمیركیة. وبحكم الصلات الوثیقة التي تربط الملك بقیادات الكونغرس والمكانة الرفیعة التي یحظى بھا جلالتھ في أوساط المشرعین الأمیركیین، ضمن الأردن تحقیق أھدافھ الاستراتیجیة في العلاقة مع واشنطن بصرف النظر عن ھویة الإدارة في البیت الأبیض.

تحركات الملك على الساحة الدولیة وفي عواصم القرار العالمي، تشكل في مجملھا ضمانات لحمایة المصالح الأردنیة من أوضاع إقلیمیة متغیرة، وسیاسات دولیة مضطربة.

ھذه الاستراتیجیة في السیاسة الخارجیة اختبرت عشرات المرات في عھد المغفور لھ الملك الحسین وفي عھد الملك عبدالله الثاني، واثمرت مكاسب على الدوام.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة