الجمعة 2024-12-13 02:26 ص
 

الهاربون من ذاكراتهم !!

10:39 ص

اقصى عقوبة تاريخية تلحق بأمة هي ان يكون رهانها الأخير على عدالة اعدائها، خصوصا اذا كانت تلك العدالة اقرب الى الشفقة التي يُنتجها فائض الانتصار والغنائم، والعرب الآن نموذج قد لا يكون مسبوقا في هذا السياق، فقد تولى المؤرخون اليهود الجدد او بعضهم على الاقل الدفاع عن الضحية الخرساء بعد ان اصبحت تكظم حتى الأنين، ومنذ مجزرتي الطنطورة ومسجد دهمش في اللد حتى ذكرى مجزرة دير ياسين هذا العام، قام مؤرخون وسينمائيون وباحثون من طراز شلومو ساند وفيليسيا لانجر والمخرجة شوشاني بالنيابة عن العرب في افتضاح المشروع الصهيوني الاستيطاني، وقدمت المخرجة شوشاني في فيلمها الأخير مشاهد عن مجزرة دير ياسين حيث راكم القتلة الضحايا واحرقوهم، لكن هذا الهولوكوست مسكوت عنه عربيا في زمن اصبح فيه الدم ماء والشقيق عدوا ! وقد يأتي يوم يزعج فيه بعض اليهود الذين اعلنوا العصيان على الصهيونية بعض العرب؛ لأنهم يفتحون ملفات طواها التناسي لا النسيان !اضافة اعلان

هكذا اصبح المطرود من الجغرافيا مهددا بالطرد من التاريخ؛ لأنه يشاهد مصيره وينظر اليه كما تفعل الخراف امام المسلخ، فهل سيصبح الصراع ذات يوم وبعد سقوط آخر ورقة عن العورة بين يهود متطرفين وآخرين معتدلين ! ويخرج العربي من الحلبة عائدا الى الصحراء بخفيّ حنين ؟ ان شرور البلايا لم تعد تضحكنا اما البكاء فقد ودعناه منذ جفّت قنواته .
لقد اصبحت الذكريات عبئا على الهاربين من ماضيهم ومن انفسهم ايضا ، واذا كانت القوانين كما يقال لا ترحم الجاهلين بها فإن التاريخ ايضا لا يتسامح مع الجاهلين به؛ لأنهم يعيدون الاخطاء ذاتها ويلدغون من الجُحر ذاته الف مرة .
والعزاء الباقي هو ان القضايا الكبرى التي يتخلى عنها ورثة الدم يتبناها مثقفون من مختلف ارجاء هذا الكوكب؛ لأن العدل كالظلم لا جنسية له !!!
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة